- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء) [صححه الألبانى فى صحيح الترمذى].
قال ابن بطال في قوله: (... (ولا الفاحش) أي: فاعل الفحش أو قائله، وفي النهاية أي: من له الفحش في كلامه، وفعاله، قيل أي: الشاتم، والظاهر أنَّ المراد به الشتم القبيح الذي يقبح ذكره (ولا البذيء)... وهو الذي لا حياء له، كما قاله بعض الشُرَّاح، وفي النهاية: البذاء بالمد، الفحش في القول، وهو بذيء اللسان، وقد يقال بالهمز وليس بكثير. اهـ. فعلى هذا يخص الفاحش بالفعل لئلا يلزم التكرار، أو يحمل على العموم، والثاني يكون تخصيصًا بعد تعميم بزيادة الاهتمام به؛ لأنه متعد) [شرح صحيح البخارى،لابن بطال].
- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ائذنوا له، بئس أخو العشيرة أو ابن العشيرة، فلما دخل ألان له الكلام، قلت: يا رسول الله، قلت الذي قلت ثم ألنت له الكلام،قال: أي عائشة، إنَّ شرَّ الناس من تركه الناس - أو ودعه - الناس اتقاء فحشه) [رواه البخارى].
(قال الخطابي: جمع هذا الحديث علمًا وأدبًا، وليس في قول النَّبي صلى الله عليه وسلم في أمته بالأمور التي يسميهم بها، ويضيفها إليهم من المكروه غِيبة، وإنَّما يكون ذلك من بعضهم في بعض، بل الواجب عليه أن يبين ذلك، ويفصح به، ويعرف النَّاس أمره، فإنَّ ذلك من باب النصيحة، والشفقة على الأمة، ولكنه لما جبل عليه من الكرم، وأعطيه من حسن الخلق، أظهر له البشاشة، ولم يجبهه بالمكروه؛ لتقتدي به أمته في اتقاء شرِّ مَن هذا سبيله وفي مداراته؛ ليسلموا من شرِّه وغائلته) [فتح البارى،لابن حجر].
أقوال السلف والعلماء في الفحش والبذاءة:
- قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (ألأَمُ خُلق المؤمن، الفحش) [رواه ابن أبى الدنيا فى الصمت].
- و(رأى أبو الدرداء رضي الله عنه امرأة سليطة اللسان، فقال: لو كانت هذه خرساء، كان خيرًا لها) [الصمت، لابن أبى الدنيا].
- وعن إبراهيم بن ميسرة قال: (يقال: الفاحش المتفحش يوم القيامة، في صورة كلب، أو في جوف كلب) [الصمت، لابن أبى الدنيا].
- وعن عون بن عبد الله قال: (ألا أنَّ الفحش والبذاء من النفاق، وهن مما يزدن في الدنيا، وينقصن في الآخرة، وما ينقصن في الآخرة أكثر مما يزدن في الدنيا) [الصمت، لابن أبى الدنيا].
- وقال الأحنف بن قيس: (أولا أخبركم بأدوأ الداء: اللسان البذيء والخلق الدنيء) [الصمت، لابن أبى الدنيا].
- وقال ابن حبان البستي: (إنَّ الوقح إذا لزم البذاء، كان وجود الخير منه معدومًا، وتواتر الشر منه موجودًا، لأنَّ الحياء هو الحائل بين المرء وبين المزجورات كلها، فبقوة الحياء يضعف ارتكابه إياها، وبضعف الحياء تقوى مباشرته إياها) [روضة العقلاء].
- وقال الماوردي: (ومما يجري مجرى فحش القول وهُجْره في وجوب اجتنابه، ولزوم تنكبه، ما كان شنيع البديهة، مستنكر الظاهر، وإن كان عقب التأمل سليمًا، وبعد الكشف والرويَّة مستقيمًا) [أدب الدنيا والدين].
- وقال القاسمي: (كلام الإنسان، بيان فضله، وترجمان عقله، فاقصره على الجميل، واقتصر منه على القليل، وإياك وما يستقبح من الكلام؛ فإنه يُنَفِّر عنك الكرام، ويُوَثِّب عليك اللئام) [جوامع الآداب].
من آثار الفحش والبذاء:
1- فاعل الفحش، أو قائله، يستحق العقوبة من الله في الدنيا والآخرة.
2- يتحاشاه الناس، خوفًا من شرِّ لسانه:
قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ شرِّ الناس منزلةً عند الله يوم القيامة، من تُرك اتقاء فحشه) [رواه البخارى].
3- البذاء والفحش من علامات النفاق.
4- ليس من صفات المؤمن الكامل الإيمان، الفحش والبذاء.
5- الفاحش المتفحش يبغضه الله:
قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الله تَعَالى يبغض الْفاحِشَ المتَفَحِّشَ) [صححه الألبانى فى صحيح الجامع].
6- الفاحش يكون بعيدًا من الله ومن الناس.