قال الزهري : "كان عروة بحراً لا ينزف ولا تُكدِّره الدلاء".
#ميلاده_ونشأته :
وُلِدَ عروة بن الزبير على أرجح الأقوال [سنة 23هـ] ، ونشأ وتربى في المدينة كما ربي سائر أترابه من أبناء الصحابة ، ولا يُعلَم شيء عن الفترة المبكرة من حياته سوى إشارات عابرة أتت في ثنايا مروياته ، لكن يبدو أن نسبه من جانب ، وحبه للعلم منذ صغره من جانب آخر قد ميَّزاه على غيره من أقرانه ، فكان دائماً يتمنى أن يؤخذ عنه العلم. فبذل لذلك جهده ووقته حتى قال :
"لقد كان يبلغني الحديث عن الصحابي فآتيه فأجده قد قال من القيلولة فأجلس على بابه أسأله عنه".
#سعة_معارفه :
وقد تعدَّدت معارف عروة وكثرت حتى قال عنه الزهري : "كان بحراً لا ينزف ، ولا تُكدِّره الدِّلاء".
👈 وشملت هذه المعارف الحديث والتفسير والشعر والفقه ، إضافة إلى السيرة والمغازي التي لا ينازعه فيها منازع من شيوخ عصره.
#عبادته_وأخلاقه :
كان عروة مثالاً للعالِم العابد الذي لا يُخالِف قوله فعله ، وبلغ من درجة اجتهاده في العبادة أن ابنه هشاماً قال : "كان يقرأ كل يوم ربع القرآن ، ويقوم به الليل ، وكان كثير الصوم ، قُطِعَت رجله وهو صائم ، ومات أيضاً وهو صائم ، وكان يقول على نفسه : إني لأسأل الله ما أريده في صلاتي حتى أسأله الملح".
📑 كما كان حليماً صبوراً محتسباً عفيفاً كريماً صالحاً زاهداً بعيداً عن الفتنة ، وكان يقول : "رُب كلمة ذُلٍّ احتملتها أورثتني عِزَّاً طويلاً".
⁉️كما كان ينأى بنفسه عن الفتن ويُحذِّر منها ، ويرى أن فيها هلاك الأمة ويقول : "أتى أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، هل للإسلام منتهى؟ قال : «نعم ، فمن أراد الله به خيراً من عرب أو عجم أدخله عليه ، ثم تقع فتن كالظلل يضرب بعضكم رقاب بعض ، فأفضل الناس يومئذ معتزل في شعب من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس».
#مكانته_التاريخية :
يعد عروة بن الزبير بحق أول من صنف في المغازي كما ذكر الواقدي ، ولكن مصنفاته لم تكن كتباً بالمفهوم المتعارف عليه الآن بين الدارسين ؛ وإنما كانت عبارة عن رسائل تجمع كل رسالة الروايات التي تتناول موضوعاً أو حديثاً معيناً يشبه ما يُسمَّى الآن الفصل من الكتاب يصوغه بأسلوبه الخاص.
📚 يقول الأستاذ محمد شفيق غبريال : "وعندما دوَّنت هذه الأخبار ، دونت منفصلة ، فنجد كتاباً عن وقعة الجمل أو صِفِّين ، أو ما إلى ذلك".
وربما كان ذلك هو الشائع في عصره ؛ لا في التاريخ فحسب بل في سائر الفنون ، فعن تدوين الحديث مثلاً يقول الأستاذ محمد محمد أبو زهو : "وكانت طريقتهم تتبع وحدة الموضوع ، فهم يجمعون في المؤلف الواحد الأحاديث التي تدور حول موضوع واحد ؛ كالصلاة مثلاً ، يجمعون الأحاديث الواردة فيها في مؤلف واحد".