تهذيب القلوب في خطراتها - منتديات أحاسيس الليل

 ننتظر تسجيلك هـنـا

{ إعلانات احاسيس الليل ) ~
 
   

فـعـآلـيـآت آلـمـنـتـدى


الإهداءات



الملاحظات

تهذيب القلوب في خطراتها

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَفُوِّ الْغَفُورِ، الْحَلِيمِ الشَّكُورِ، يُصَرِّفُ الْقُلُوبَ، وَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ الصُّدُورُ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ أَنَارَ بَصَائِرَ

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 10-Jul-2024, 06:22 AM
نور متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 157
 تاريخ التسجيل : Sep 2021
 فترة الأقامة : 1365 يوم
 أخر زيارة : 05-Jun-2025 (03:35 AM)
 المشاركات : 6,764 [ + ]
 التقييم : 6905
 معدل التقييم : نور has a reputation beyond reputeنور has a reputation beyond reputeنور has a reputation beyond reputeنور has a reputation beyond reputeنور has a reputation beyond reputeنور has a reputation beyond reputeنور has a reputation beyond reputeنور has a reputation beyond reputeنور has a reputation beyond reputeنور has a reputation beyond reputeنور has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 0
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة

اوسمتي

افتراضي تهذيب القلوب في خطراتها




الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَفُوِّ الْغَفُورِ، الْحَلِيمِ الشَّكُورِ، يُصَرِّفُ الْقُلُوبَ، وَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ الصُّدُورُ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ أَنَارَ بَصَائِرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ، وَصُرِفَ عَنْ هُدَاهُ أَهْلُ الِاسْتِكْبَارِ وَالتَّكْذِيبِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ نَصَحَ لِأُمَّتِهِ فَدَلَّهَا عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهَا، وَحَذَّرَهَا مِنْ كُلِّ مَا يَضُرُّهَا، فَمَنْ أَطَاعَهُ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَالْفَلَاحِ، وَمَنْ عَصَاهُ أَحَاطَ بِهِ الشَّقَاءُ وَالْخُسْرَانُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَرَاقِبُوهُ فَلَا تَعْصُوهُ، وَاشْكُرُوهُ وَلَا تَكْفُرُوهُ؛ فَإِنَّ الْمَوْعِدَ قَرِيبٌ، وَإِنَّ الْحِسَابَ عَسِيرٌ، وَإِنَّ الْجَزَاءَ خُلْدٌ فِي النَّعِيمِ أَوْ فِي الْجَحِيمِ؛ ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 185].

أَيُّهَا النَّاسُ: الْقُلُوبُ مُسْتَوْدَعَاتُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَهِيَ الْحَاكِمَةُ عَلَى الْأَعْضَاءِ، الْمُسَيِّرَةُ لَهَا بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى؛ فَفِي صَلَاحِهَا صَلَاحُ الْعَبْدِ، وَفِي فَسَادِهَا فَسَادُهُ؛ ((أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ، صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ، فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ))؛ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهِيَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ))؛ رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَيَبْدَأُ عَمَلُ الْقَلْبِ فِي الْخَيْرِ وَفِي الشَّرِّ بِالْخَطَرَاتِ، الَّتِي تَرْتَقِي إِلَى هَمٍّ، ثُمَّ عَزْمٍ، ثُمَّ يَكُونُ الْعَمَلُ. وَلِعُسْرِ التَّخَلُّصِ مِنْ خَطَرَاتِ الْقُلُوبِ فَإِنَّهَا مَعْفُوٌّ عَنْهَا؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ))؛ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَلَيْسَ الْعَفْوُ عَنْ خَطَرَاتِ الْقُلُوبِ يَلْزَمُ مِنْهُ الْعَفْوُ عَمَّا تُؤَدِّي إِلَيْهِ إِذَا اسْتَرْسَلَ الْعَبْدُ فِي خَيَالَاتِهِ وَاسْتَدْعَاهَا وَتَلَذَّذَ بِهَا؛ لِأَنَّهَا تَفْتَحُ لَهُ أَبْوَابَ الْمَعَاصِي، وَهِيَ أَوَّلُ طُرُقِهَا؛ وَلِذَا فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا طَرَدَ عَنْهُ خَطَرَاتِ الْمَعَاصِي وَالتَّفْكِيرَ فِيهَا، زَادَ إِيمَانُهُ وَتَقْوَاهُ، وَإِذَا اسْتَدْعَاهَا وَاسْتَرْسَلَ فِيهَا، ضَعُفَ إِيمَانُهُ وَتَقْوَاهُ، وَقَادَتْهُ إِلَى الْمَعْصِيَةِ.

وَكَلَامُ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ الْمُحَقِّقِينَ وَأَرْبَابِ السُّلُوكِ؛ مُتَوَاتِرٌ فِي تَقْرِيرِ هَذَا الْمَعْنَى، كَمَا أَنَّ التَّجَارِبَ تَدُلُّ عَلَيْهِ، قَالَ مِمْشَادٌ الدِّينَوَرِيُّ: "الْهِمَّةُ مُقَدِّمَةُ الْأَشْيَاءِ، فَمَنْ صَلَحَتْ لَهُ هِمَّتُهُ وَصَدَقَ فِيهَا، صَلَحَ لَهُ مَا وَرَاءَهَا مِنَ الْأَعْمَالِ وَالْأَحْوَالِ".

وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: "وَأَمَّا الْخَطَرَاتُ فَشَأْنُهَا أَصْعَبُ؛ فَإِنَّهَا مَبْدَأُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَمِنْهَا تَتَوَلَّدُ الْإِرَادَاتُ وَالْهِمَمُ وَالْعَزَائِمُ، فَمَنْ رَاعَى خَطَرَاتِهِ مَلَكَ زِمَامَ نَفْسِهِ وَقَهَرَ هَوَاهُ، وَمَنْ غَلَبَتْهُ خَطَرَاتُهُ فَهَوَاهُ وَنَفْسُهُ لَهُ أَغْلَبُ، وَمَنِ اسْتَهَانَ بِالْخَطَرَاتِ قَادَتْهُ قَهْرًا إِلَى الْهَلَكَاتِ، وَلَا تَزَالُ الْخَطَرَاتُ تَتَرَدَّدُ عَلَى الْقَلْبِ حَتَّى تَصِيرَ مُنًى بَاطِلَةً؛ ﴿ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [النُّورِ: 39]".

وَكَمَا أَنَّ الْعَبْدَ يَجِبُ عَلَيْهِ مُرَاقَبَةُ جَوَارِحِهِ، وَحَجْزُهَا عَنِ الْحَرَامِ؛ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ مُرَاقَبَةُ خَطَرَاتِ قَلْبِهِ، وَخَلَجَاتِ نَفْسِهِ، وَوَارِدَاتِ فِكْرِهِ؛ فَإِنَّهَا الْبِدَايَةُ لِكُلِّ مَعْصِيَةٍ، قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ مَسْرُوقٍ: "مَنْ رَاقَبَ اللَّهَ تَعَالَى فِي خَطَرَاتِ قَلْبِهِ، عَصَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي حَرَكَاتِ جَوَارِحِهِ". وَقَالَ أَبُو تُرَابٍ النَّخْشَبِيُّ: "احْفَظْ هَمَّكَ؛ فَإِنَّهُ مُقَدِّمَةُ الْأَشْيَاءِ، فَمَنْ صَحَّ لَهُ هَمُّهُ صَحَّ لَهُ مَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ أَفْعَالِهِ وَأَحْوَالِهِ". وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ النَّيْسَابُورِيُّ: "مَنْ لَمْ يَزِنْ أَفْعَالَهُ وَأَحْوَالَهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلَمْ يَتَّهِمْ خَوَاطِرَهُ، فَلَا تَعُدَّهُ فِي دِيوَانِ الرِّجَالِ".

وَالشَّيْطَانُ يَتَدَرَّجُ بِالْعَبْدِ مِنَ الْخَطْرَةِ إِلَى الْفِكْرَةِ، ثُمَّ إِلَى مَا وَرَاءَهَا حَتَّى يَقَعَ فِي الْمَعْصِيَةِ، وَاللَّهُ تَعَالَى نَهَى الْمُؤْمِنِينَ عَنِ اتِّبَاعِ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ؛ لِأَنَّ اتِّبَاعَهَا يُوصِّلُ الْعَبْدَ إِلَى الْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَاتِ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ [النُّورِ: 21]، قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْقَيِّمِ: "دَافِعِ الْخَطْرَةَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ صَارَتْ فِكْرَةً، فَدَافِعِ الْفِكْرَةَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ صَارَتْ شَهْوَةً، فَحَارِبْهَا، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ صَارَتْ عَزِيمَةً وَهِمَّةً، فَإِنْ لَمْ تُدَافِعْهَا صَارَتْ فِعْلًا، فَإِنْ لَمْ تَتَدَارَكْهُ بِضِدِّهِ صَارَ عَادَةً، فَيَصْعُبُ عَلَيْكَ الِانْتِقَالُ عَنْهَا".

وَمَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ عَلَى مُكَافَحَةِ خَطَرَاتِهِ الشَّيْطَانِيَّةِ، زَادَ ذَلِكَ فِي إِيمَانِهِ وَيَقِينِهِ؛ جَزَاءً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعَبْدِ عَلَى تَعْظِيمِهِ لِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ فِي جَانِبِ الْخَطَرَاتِ الَّتِي لَا يُؤَاخَذُ الْعَبْدُ بِهَا. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: "فَكُلُّ مَا وَقَعَ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ مِنْ خَوَاطِرِ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ فَكَرِهَهُ وَأَلْقَاهُ؛ ازْدَادَ إِيمَانًا وَيَقِينًا، كَمَا أَنَّ كُلَّ مَنْ حَدَّثَتْهُ نَفْسُهُ بِذَنْبٍ فَكَرِهَهُ وَنَفَاهُ عَنْ نَفْسِهِ وَتَرَكَهُ لِلَّهِ تَعَالَى؛ ازْدَادَ صَلَاحًا وَبِرًّا وَتَقْوَى".

وَلَا يَلِيقُ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يُضَيِّعَ وَقْتَهُ فِي الْمَعْصِيَةِ أَوْ فِي الْهَمِّ بِهَا، أَوْ فِي التَّفْكِيرِ فِيهَا، وَفِي الطَّاعَاتِ مَهْيَعٌ وَاسِعٌ لِلسَّعَادَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْفَوْزِ الْأَكْبَرِ فِي الْآخِرَةِ، وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ كَثِيرٌ وَمُنَوَّعٌ، وَالْمَوْتُ قَدْ يَبْغَتُ الْعَبْدَ فَجْأَةً، وَالْعُمْرُ قَلِيلٌ مَهْمَا طَالَ، وَلَوْ جَاوَزَ مِائَةَ سَنَةٍ أَوْ مِائَتَيْنِ، فَلَيْسَتْ شَيْئًا يُذْكَرُ فِي زَمَنِ الدُّنْيَا، وَالْعَمَلُ فِيهَا لَيْسَ شَيْئًا يُذْكَرُ أَمَامَ الْجَزَاءِ الْعَظِيمِ فِي الْآخِرَةِ، وَفِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النِّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((لَوْ أَنَّ عَبْدًا خَرَّ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ يَوْمِ وُلِدَ إِلَى أَنْ يَمُوتَ هَرَمًا فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لَحَقَّرَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَلَوَدَّ أَنَّهُ رُدَّ إِلَى الدُّنْيَا كَيْمَا يَزْدَادَ مِنَ الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ))؛ رَوَاهُ أَحْمَدُ.

وَمِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الثَّبَاتِ عَلَى الدِّينِ، وَالِاسْتِقَامَةِ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالنَّشَاطِ فِي الطَّاعَاتِ: "حِرَاسَةُ الْخَوَاطِرِ وَحِفْظُهَا، وَالْحَذَرُ مِنْ إِهْمَالِهَا وَالِاسْتِرْسَالِ مَعَهَا؛ فَإِنْ أَصْلَ الْفَسَادِ كُلِّهِ مِنْ قِبَلِهَا يَجِيءُ؛ لِأَنَّهَا هِيَ بَذْرُ الشَّيْطَانِ فِي أَرْضِ الْقَلْبِ، فَإِذَا تَمَكَّنَ بَذْرُهَا تَعَاهَدَهَا الشَّيْطَانُ بِسَقْيِهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى تَصِيرَ إِرَادَاتٍ، ثُمَّ يَسْقِيهَا حَتَّى تَكُونَ عَزَائِمَ، ثُمَّ لَا يَزَالُ بِهَا حَتَّى تُثْمِرَ الْأَعْمَالَ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ دَفْعَ الْخَوَاطِرِ أَيْسَرُ مِنْ دَفْعِ الْإِرَادَاتِ وَالْعَزَائِمِ، فَيَجِدُ الْعَبْدُ نَفْسَهُ عَاجِزًا أَوْ كَالْعَاجِزِ عَنْ دَفْعِهَا بَعْدَ أَنْ صَارَتْ إِرَادَةً جَازِمَةً، وَهُوَ الْمُفَرِّطُ إِذَا لَمْ يَدْفَعْهَا وَهِيَ خَاطِرٌ ضَعِيفٌ، كَمَنْ تَهَاوَنَ بِشَرَارَةٍ مِنْ نَارٍ وَقَعَتْ فِي حَطَبٍ يَابِسٍ، فَلَمَّا تَمَكَّنَتْ مِنْهُ عَجَزَ عَنْ إِطْفَائِهَا".

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَنَا مِنْ وَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ وَخَطَرَاتِهِ، وَأَنْ يَعْصِمَنَا مِنَ اتِّبَاعِ خُطُوَاتِهِ، وَأَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِالثَّبَاتِ عَلَى الْحَقِّ إِلَى الْمَمَاتِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...


الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ:فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 123].

أَيُّهَا النَّاسُ: الطَّرِيقُ إِلَى حِفْظِ الْخَطَرَاتِ يَسِيرٌ عَلَى مَنْ كَانَ عِنْدَهُ عَزْمٌ عَلَى مُعَالَجَةِ قَلْبِهِ وَاسْتِصْلَاحِهِ، وَتَخْلِيصِهِ مِنْ أَدْوَاءِ الْمَعَاصِي وَالشَّهَوَاتِ الْمُحَرَّمَةِ.

وَمِنْ ذَلِكَ الْعِلَاجِ: عِلْمُ الْعَبْدِ بِاطِّلَاعِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْهِ، وَنَظَرِهِ إِلَى قَلْبِ الْعَبْدِ، وَعِلْمِهِ بِتَفْصِيلِ خَوَاطِرِهِ؛ ﴿ قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 29]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [التَّغَابُنِ: 4]، وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُودَهُ هَذَا الْعِلْمُ إِلَى الْحَيَاءِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُفَكِّرَ فِي مَعْصِيَتِهِ، أَوْ يُفَكِّرَ فِيمَا لَا نَفْعَ لَهُ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، بَلْ بِمَا فِيهِ مَضَرَّةٌ عَلَيْهِ فِي الْعَاجِلَةِ وَالْآجِلَةِ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُطَّلِعٌ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ.

وَهَذَا يَقْتَضِي إِجْلَالَ الْعَبْدِ لِلَّهِ تَعَالَى أَنْ يَرَى مِثْلَ تِلْكَ الْخَوَاطِرِ فِي قَلْبِهِ وَقَدْ خَلَقَهُ لِمَعْرِفَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَطَاعَتِهِ، وَيَخَافُ أَنْ يَسْقُطَ مِنْ عَيْنِ اللَّهِ تَعَالَى بِتِلْكَ الْخَوَاطِرِ وَالْأَفْكَارِ الرَّدِيئَةِ. وَإِيثَارُ الْعَبْدِ لِلَّهِ تَعَالَى يَقْتَضِي تَخْلِيَةَ قَلْبِهِ مِنْ كُلِّ مَا يُبْغِضُهُ سُبْحَانَهُ مِنَ الْخَوَاطِرِ وَالْأَفْكَارِ الرَّدِيئَةِ فِي بَابِ الشُّبُهَاتِ أَوْ فِي بَابِ الشَّهَوَاتِ.

وَمِمَّا يُعِينُ الْعَبْدَ عَلَى تَخَلُّصِهِ مِنَ الْخَوَاطِرِ وَالْأَفْكَارِ الشَّيْطَانِيَّةِ الشَّهْوَانِيَّةِ خَشْيَتُهُ أَنْ تَتَمَكَّنَ تِلْكَ الْخَوَاطِرُ وَالْأَفْكَارُ مِنَ الْقَلْبِ فَتَفْتِكَ بِهِ، وَتُزِيلَ مَا فِيهِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ، وَتَقْضِيَ عَلَى مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ، وَمَحَبَّةِ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَيَقَعُ صَاحِبُ الْخَطَرَاتِ بِسَبَبِهَا فِي الْكُفْرِ أَوْ فِي النِّفَاقِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ.

وَلْيَعْلَمِ الْعَبْدُ أَنَّ تِلْكَ الْخَوَاطِرَ وَالْأَفْكَارَ الرَّدِيئَةَ بِمَنْزِلَةِ الْفَخِّ الَّذِي يُوضَعُ فِيهِ الْحَبُّ؛ لِيَدْخُلَهُ الطَّائِرُ فَيَصِيدَهُ الصَّيَّادُ، فَكُلُّ خَاطِرٍ رَدِيءٍ مِنْهَا فَهُوَ حَبَّةٌ فِي فَخٍّ مَنْصُوبٍ لِصَيْدِهِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ، وَلْيَعْلَمِ الْعَبْدُ أَنَّ تِلْكَ الْخَوَاطِرَ الرَّدِيئَةَ لَا تَجْتَمِعُ هِيَ وَخَوَاطِرُ الْإِيمَانِ، وَدَوَاعِي الْمَحَبَّةِ وَالْإِنَابَةِ أَصْلًا، بَلْ هِيَ ضِدُّهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَمَا اجْتَمَعَا فِي قَلْبٍ إِلَّا وَغَلَبَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ وَأَخْرَجَهُ وَاسْتَوْطَنَ مَكَانَهُ، فَمَا الظَّنُّ بِقَلْبٍ غَلَبَتْ خَوَاطِرُ النَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ فِيهِ خَوَاطِرَ الْإِيمَانِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْمَحَبَّةِ فَأَخْرَجَتْهَا وَاسْتَوْطَنَتْ مَكَانَهَا؟ لَكِنْ لَوْ كَانَ لِلْقَلْبِ حَيَاةٌ لَشَعَرَ بِأَلَمِ ذَلِكَ وَأَحَسَّ بِمُصَابِهِ.

وَلْيَعْلَمِ الْعَبْدُ أَنَّ تِلْكَ الْخَوَاطِرَ بَحْرٌ مِنْ بُحُورِ الْخَيَالِ لَا سَاحِلَ لَهُ، فَإِذَا دَخَلَ الْقَلْبُ فِي غَمَرَاتِهِ، غَرِقَ فِيهِ، وَتَاهَ فِي ظُلُمَاتِهِ، فَيَطْلُبُ الْخَلَاصَ مِنْهُ فَلَا يَجِدُ إِلَيْهِ سَبِيلًا، فَقَلْبٌ تَمْلِكُهُ الْخَوَاطِرُ بَعِيدٌ مِنَ الْفَلَاحِ، مُعَذَّبٌ مَشْغُولٌ بِمَا لَا يُفِيدُ؛ ﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ [الْحَجِّ: 46].



ji`df hgrg,f td o'vhjih





رد مع اقتباس
قديم 10-Jul-2024, 05:13 PM   #2


غَيْم..! غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4
 تاريخ التسجيل :  May 2021
 أخر زيارة : 30-May-2025 (04:22 PM)
 المشاركات : 1,033,815 [ + ]
 التقييم :  538879
 الدولهـ
Saudi Arabia
لوني المفضل : White
شكراً: 12
تم شكره 167 مرة في 159 مشاركة

اوسمتي

افتراضي رد: تهذيب القلوب في خطراتها



جزاك الله خير
وجعله في ميزان حسناتك ..


 

رد مع اقتباس
قديم 10-Jul-2024, 10:19 PM   #3


دانه البحرر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 655
 تاريخ التسجيل :  Jul 2024
 أخر زيارة : 13-Jul-2024 (02:32 AM)
 المشاركات : 523 [ + ]
 التقييم :  500
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة

اوسمتي

افتراضي رد: تهذيب القلوب في خطراتها








جزاك الله كل خير على ماانتقيت
طرح قييم ومفيد
بااارك الله فيك وسلمت الايااادي
جعله الله فى ميزان اعمالك
اشكرك لما جلب وطرح تحيتي
وتقديري
دمتي بحفظ الرحمن





















































 

رد مع اقتباس
قديم 11-Jul-2024, 01:31 PM   #4


N@gh@m متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 14
 تاريخ التسجيل :  May 2024
 أخر زيارة : يوم أمس (09:39 AM)
 المشاركات : 594,049 [ + ]
 التقييم :  271425
 الدولهـ
Lebanon
 الجنس ~
Female
 SMS ~
لوني المفضل : Purple
شكراً: 0
تم شكره 118 مرة في 118 مشاركة

اوسمتي

افتراضي رد: تهذيب القلوب في خطراتها





 

رد مع اقتباس
قديم 11-Jul-2024, 08:29 PM   #5


حـُـلم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 124
 تاريخ التسجيل :  Aug 2021
 أخر زيارة : 29-May-2025 (04:39 AM)
 المشاركات : 430,875 [ + ]
 التقييم :  213495
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 501
تم شكره 7 مرة في 7 مشاركة

اوسمتي

افتراضي رد: تهذيب القلوب في خطراتها




طرح قيم
جزاك الله خير الجزاء


 

رد مع اقتباس
قديم 13-Jul-2024, 02:42 PM   #6


ناطق العبيدي متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 631
 تاريخ التسجيل :  May 2024
 العمر : 41
 أخر زيارة : يوم أمس (06:52 PM)
 المشاركات : 15,619 [ + ]
 التقييم :  8777
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 0
تم شكره 46 مرة في 35 مشاركة

اوسمتي

افتراضي رد: تهذيب القلوب في خطراتها



زادك الله نور على نور ....لما أنت عليه يا طيبة ...أتحفتنا بالجميل ....كالعادة
جازاك الله عنا خيرا يا مميز المكان
لك مودتي وسلام كبير


 

رد مع اقتباس
قديم 19-Jul-2024, 10:57 PM   #7


نَبض متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 346
 تاريخ التسجيل :  Aug 2022
 أخر زيارة : 07-Jun-2025 (02:20 AM)
 المشاركات : 333,649 [ + ]
 التقييم :  217526
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : White
شكراً: 58
تم شكره 49 مرة في 47 مشاركة

اوسمتي

افتراضي رد: تهذيب القلوب في خطراتها



::

بارك الله فيك


 

رد مع اقتباس
قديم 18-Aug-2024, 08:28 AM   #8


الحر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 293
 تاريخ التسجيل :  Apr 2022
 أخر زيارة : 03-May-2025 (07:55 PM)
 المشاركات : 654,427 [ + ]
 التقييم :  322791
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Gray
شكراً: 0
تم شكره 45 مرة في 45 مشاركة

اوسمتي

افتراضي رد: تهذيب القلوب في خطراتها



جزاك الله خير
وكتب الله أجرك وبارك الله فيك


 

رد مع اقتباس
قديم 28-Sep-2024, 10:45 AM   #9


زهرة الشمس متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 687
 تاريخ التسجيل :  Sep 2024
 أخر زيارة : اليوم (01:52 AM)
 المشاركات : 49,520 [ + ]
 التقييم :  27829
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Crimson
شكراً: 0
تم شكره 186 مرة في 166 مشاركة

اوسمتي

افتراضي رد: تهذيب القلوب في خطراتها



جزاك الله خير الجزاء
إنتقاء ثري بالذائقه
سلمت ودام رقي ذوقك
بإنتظار القادم


 

رد مع اقتباس
إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
انواع القلوب التي ذكرها الله في القران الكريم ورد نفحات ايمانيه 14 02-Dec-2024 02:36 PM
إصلاح القلوب ورد نفحات ايمانيه 15 02-Dec-2024 02:35 PM
لمسات رقيقة تلامس القلوب.. احساس شاعرة •₪• زاوية حرة •₪• 18 07-Nov-2024 09:37 PM
عندما تقوم بازاله الشوك وطن عمري •₪• زاوية حرة •₪• 16 20-Oct-2024 06:43 PM
أمراض القلوب الخفية شمس نفحات ايمانيه 13 17-Dec-2023 03:41 PM


الساعة الآن 01:53 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع ما يطرح في منتديات أحاسيس الليل لا يعبر عن رأي الموقع وإنما يعبر عن رأي الكاتب
وإننــے أبرأ نفســے أنا صاحبة الموقع أمامـ الله سبحانه وتعالــے من أــے تعارف بين الشاب والفتاة من خلال أحاسيس الليل
vEhdaa 1.1 by rKo ©2009