تحريم النذر لغير الله تبارك وتعالى فواز بن علي بن عباس السليماني تحريم النذر لغير الله تبارك وتعالى قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ
قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ الله يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ [البقرة: 270].
ووجه الدلالة من الآية أن الله تعالى قرن النذر بالنفقات التي هي قُربٌ وطاعات لا تكون إلى الله تعالى، ومن صرف شيئًا منها لغيره، فقد أشرك، ولذا قال تعالى: ﴿ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾، وأظلم الظلم على الإطلاق، الشرك بالله تبارك وتعالى، كما سبق ذلك موضحًا في (باب تحريم الشرك بالله تعالى)[1]، والله أعلم.
قال الحافظ ابن كثير في «تفسيره» (2/ 33): قوله: ﴿ مُحَرَرًا ﴾؛ أي: خالصًا مفرغًا للعبادة، ولخدمة بيت المقدس؛ اهـ؛ قال العلامة الشوكاني في «تفسيره» (1/ 457): وكان هذا النذر جائز في شريعتهم؛ اهـ.
ووجه الدلالة من الآية قول امرأة عمران عليها السلام: ﴿ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا ﴾، فأفردت نذرها لله، وأخلصته له وحده لا شريك له.
وقال الله تعالى مخبرًا عن قول عيسى عليه السلام لأمه: ﴿ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ﴾ [مريم:26].
والشاهد من الآية ظاهرٌ وواضح من قوله لها: ﴿ فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا ﴾، فخصتِ اللهُ تبارك وتعالى بنذرها[2]، والله أعلم.
ولهذا الباب تتمةٌ آتيةٌ في فصولٍ تاليةٍ ـ إن شاء الله تعالى ـ.
[1] وإلى هذا أشار العلامة ابن باز في "شرح كتاب التوحيد» (ص160).
[2] قال الحافظ ابن كثير: في «تفسيره» (5/ 225): والمراد: أنهم كانوا إذا صاموا في شريعتهم، يحرم عليهم الطعام والكلام، نص على ذلك السدي، وقتادة، وعبد الرحمن بن زيد؛ اهـ.
قلت: وأمَّا في شرعنا، فروى ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم، فسأل عنه، فقالوا: أبو إسرائيل، نذر أن يقوم ولا يقعد، ولا يستظل، ولا يتكلم ويصوم، فقال النبي ص: (مُره فليتكلم، وليستظل، وليقعد، وليتم صومه)؛ رواه البخاري برقم (6326)، والله أعلم.