:: اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين: القول الأول: قول الجمهور، الشافعية والحنابلة والحنفيةيجوز إجمالًا المسح على الجوربين. ويشترط للمسح على الخفين أن
القول الأول: قول الجمهور، الشافعية[1]والحنابلة[2] والحنفية[3]يجوز إجمالًا المسح على الجوربين.
ويشترط للمسح على الخفين أن يكونا ثخينين (صفيقين) يمكن متابعة المشي بهما دون أن يتخرقا أو يسقطا من القدم، وأن يستر كل منهما محل الفرض؛ وهو القدم إلى ما فوق الكعبين، وأن يكونا قد لبسا على طهارة كاملة.
الدليل:
عمَلُ الصَّحابة رَضِيَ اللهُ عنهم، قال أحمدُ: يُذْكَرُ المَسْحُ على الجَوْرَبَيْنِ عَنْ سَبْعَةٍ، أو ثَمَانِيَةٍ، مِنْ أصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى اللَّه عليه وسلم.
وقال ابْنُ المُنْذِرِ: ويُرْوَى إبَاحَةُ المَسْحِ على الجَوْرَبَيْنِ عنْ تِسْعَةٍ مِن أصْحابِ رسولِ اللهِ- صلى اللَّه عليه وسلم- وحكَى فيه إجماعَهم: ابنُ حزم حيث قال: "لا يُعْرَف لهم ممَّن يُجيزُ المسحَ على الخفَّين من الصَّحابة رَضِيَ اللهُ عنهم مخالِفٌ"[4]، وابن قُدامة قال في المغني: ولأنَّ الصَّحابة رَضِي اللهُ عنهم، مَسَحُوا على الجَوَارِبِ، ولم يَظْهَرْ لهم مُخَالِفٌ في عَصْرِهم، فكان إجْماعًا[5].
القول الثاني: لا يجوز المسح على الجوربين، وهذا مذهب مالك قال: "ولا يجوز المسح على الجَوْرَبَيْن إذا كانا غير مجلدين" [6].
قال ابنُ باز: (يجوزُ المَسحُ على الجوربين، وهما: ما يُنسَجُ لِسَترِ القدَمينِ من قُطنٍ أو صوفٍ أو غيرهما؛ كالخُفَّيْن في أصحِّ قولَي العلماء؛ لأنَّه قد ثبَت عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه (مسح على الجَوربينِ والنَّعلَيْن)، وثبَت ذلك عن جماعةٍ من أصحاب النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ورَضِيَ اللهُ عنهم؛ ولأنَّهما في معنى الخُفَّينِ في حُصولِ الارتفاقِ بهما)[7].
قال ابنُ عثيمين: (القول الراجح: أنَّه يجوزُ المسحُ على الجَوربِ المخرَّقِ، والجوربِ الخفيف الذي تُرى من ورائِه البَشَرة؛ لأنَّه ليس المقصودُ مِن جواز المسحِ على الجورَبِ ونحوه أن يكون ساترًا؛ فإن الرِّجْل ليست عورة يجب سترها، وإنما المقصود الرخصة على المُكلَّف والتسهيل عليه، بحيث لا نُلزمه بخلع هذا الجورب أو الخف عند الوضوء، بل نقول: يكفيك أن تمسح عليه، هذه هي العلة التي من أجلها شُرع المسح على الخفين، وهذه العلة- كما ترى- يستوي فيها الخُفُّ أو الجورب المخرق والسليم والخفيف والثقيل[8].
وسُئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين أيضًا: هل يشترط لجواز المسح على الخف أن يثبت بنفسه أو لا؟
فأجاب بقوله: الصحيح أنه لا يُشترط ذلك، وذلك أن النصوص الواردة في المسح على الخفين مطلقة، فما دام يمكن أن ينتفع بهذا، ويمشي به، فما المانع؟ فقد يكون الإنسان ليس عنده إلا هذا الخف، أو كان مريضًا مقعدًا يلبس مثل هذا الخف للتدفئة، فلا دليل على اشتراط هذا الشرط[9].