الرفق و اللين كفتا التسامح السماحة في لغة العرب هي السهولة، يقال: تسامح الشخص في الأمر، إذا تساهل فيه وتهاون فيه، وهذا ما دعا إليه الدين الإسلامي، وهو اليسر
السماحة في لغة العرب هي السهولة، يقال: تسامح الشخص في الأمر، إذا تساهل فيه وتهاون فيه، وهذا ما دعا إليه الدين الإسلامي، وهو اليسر والتيسير في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى كما قال عليه الصلاة والسلام: «يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا»، فالسماحة والتيسير من الصفات التي تحبها النفوس، وتنجذب إليها القلوب بسهولة وطواعية واختيار، وأن الاستجابة من الغير تعتمد على طريقة الحوار معهم، وكيفية الكلام معهم في النصح والإرشاد والدعوة إلى الله، فإن طبقت ذلك أديت ما عليك، وتبقى الهداية بيد الله وحده، وقد حث الدين على هذا الخلق، حتى مع المخالف الطاغية فرعون، أمر الله نبيه موسى أن يقول له قولاً ليناً وهو قد قال «أنا ربكم الأعلى»، وقد أثنى الله على نبيه عليه الصلاة والسلام، فقال: «فيما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك»، فهذه الآية تبين أن استعمال الفظاظة والغلظة تؤدي إلى انفعالات عكسية وسلبية، وأمر الله مجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن، لأن اليسر واللين في الكلام له التأثير العجيب في نفوس الآخرين، فلو نظر الناظر إلى سيرة النبي عليه الصلاة والسلام وكيف كان يدعو ويعلم لرأى العجب العجاب في هذا المقام، وها هو عندما رأى الأعرابي يبول في المسجد، قال لهم: لا تزرموه، وفي بعض الألفاظ: «إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين»، وأن هذا التيسر والرفق من النبي عليه الصلاة والسلام أثرت التأثير الإيجابي في نفس هذا الأعرابي، حتى قال كما جاء في بعض الألفاظ «اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم أحداً معنا» فقال له النبي: «قد حجَرت واسعاً» أي ضيقت رحمة الله الواسعة، وفي الحديث الآخر الذي رواه أبو هريرة أنه أتي النبي عليه الصلاة والسلام برجل قد شرب الخمر، «فأقيمَ عليه الحد» فلما انصرف، قال بعض القوم: «أخزاه الله»، فقال عليه الصلاة والسلام: لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان. أي: لا تحكموا عليه بالخزي فيعاند بعد ذلك ويستحوذ عليه الشيطان، لأن الهدف من الدعوة هي مساعدة الناس في الابتعاد عن الشرك والحرام، وليس المراد الانتقام والانتقاص منهم وتضييع كرامتهم.
والناظر أيضاً في الأحكام الشرعية يجد أنها ميسرة على الناس، وأن الله أباح لهم الممنوعات عند الضرورة كما هو الحال في الميتة، وكما هو الحال في الذي لا يطيق الصوم بأن يطعم لكل يوم مسكينا، وسقوط وجوب الصوم على المسافر والمريض والحامل إذا خافت على جنينها، وقصر الصلاة في السفر، وقضاء الصلاة على الحائض، ومن أكره على الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان، وغيرها الكثير في الدين من التسهيل على الناس في العبادة.
لذا علينا أن نطبق هذا مع الناس، وأن نتعامل معهم برفق ولين، وندعوهم بالكلمة الحسنة، ولا نلعنهم وندعو عليهم، فالمؤمن لا يكون لعَانا، إنما يكون مشفقاً، ومحباً للغير، محافظاً على حقوقهم، يرون منه كل خير، يؤمنهم على أسرارهم وحقوقهم، وغيرها من الأخلاق الكريمة التي يجب أن يتحلى بها كل من يدعو الناس إلى الخير، فالنفس أسيرة للإحسان، إن أحسنت إليها انجذبت لك، وإن عنفتها عاندت وابتعدت.
وليس معنى السهولة في الدين، هي أن نقول لكل محرم هو جائز وغير محرم، فهذا من أكبر الخطأ وأعظمها، فالحرام واضحاً، والحلال واضحاً، وهذا لا يختلف فيه أحد.
الإهداءات
14-Mar-2022, 07:13 PM
الرفق و اللين كفتا التسامح
العرض الشجري