و لهذا.. فإن أول رياضة خُلقية ينصح بها شيوخنا من يريد التطهر من الخطائين ، هي خرق العوائد و الخروج من النفس من مألوفاتها و فطامها من محبوباتها ..كسر سور المألوف هو الخطوة الأولى ..
و هي أصعب الخطى على النفس و أشقها على سالك الطريق .. لأن الإنسان عبد لما تعود عليه و عدو لما جهل ..و عاداته تنضبط عليها هرموناته و تتولف عليها عجلة حياته .. فالخروج من هذه العادات كالخروج من الجلد و اللحم شاق مؤلم مرير يدمي النفس و يبكيها..
و النفس كالطفل إن تهمله شبّ على
حبّ الرضاع و إن تفطمه ينفطم
" و أول نصيحة للشيخ هي .. الترك .. البعد ..
و الترك .. و الهجر .. و غض البصر ..و مهاجمة الخواطر قبل أن تهجم عليك .. و طرحها وراءك .."
إن أقوى الشهوات يمكن أن تذبل و تموت بالترك ..
إن النار كامنة في الحجر ..و لكنها لا تخرج من كمونها إلا بقدح الحجر بالحجر ..هو الذي يُولد الشرر ..
اضرب خيمتك في فلاة ..فإذا اشتقت عضّ على بنانك و ابك و غن و انشد الشعر ، و خرّ على وجهك ساجداً و اطلب من ربك المدد و اشتغل بالصلاة ، و اعمل طول يومك في عمل منتج مفيد ..
فليس أشرف من الكمال الخلقي و قهر الهوى و رياضة النفس على الحكمة ..
فهل بدأت معركتك ؟؟
إن لم تكن قد بدأت .. فشمر ساعديك و ابدأ من فورك .. قبل أن يعاجلك الأجل فتموت حيوانا ، و تُحشر مع الحيوان ..
أخرج من عوائدك .. اطفئ سجارتك و حطم كأسك ، و ألق بزجاجة المنوم من النافذة ، و غالب ضعفك ، و اقمع شهوتك و خاصم شيطانك ، و خالف نفسك ، و قاوم محبوبتك ، و تحمل مكروهاتك ، و اهجر أفيونتك ، و خاصم كل ما هو حرام..