*_الســـلام لقلبك_*🌴 تقولُ لي: حدثني، وواسِ قلبي..!! فأقول لكَ: وأيُّ مواساةٍ لقلبكَ أعظم من أن تعرف أن الله سبحانه يعلمُ ما فيه. فإن جهل الناس فضلكَ، وإن
تقولُ لي: حدثني، وواسِ قلبي..!!
فأقول لكَ: وأيُّ مواساةٍ لقلبكَ أعظم من أن تعرف أن الله سبحانه يعلمُ ما فيه.
فإن جهل الناس فضلكَ،
وإن قالوا فيكَ ما ليسَ فيك،
فما حاجتك إلى محامٍ يدافعُ عنكَ،
وأنتَ بالأساس لستَ مُتَّهماً.
إن قاضي السماوات والأرض لا ينتظرُ الشهود،
فإنما ينتظرُ الشهود من غاب،
وربك مطلعٌ على المشهد كله،
ولا يحفلُ ببلاغة المحامين،
فهذه يحتاجها القضاة الذين غابت عنهم التفاصيل،
يستمعون روايتها في فم إنسان لم يشهدها،
وإنما دبّجها بحسن البيان، وحِدَّة المرافعة.
أما ربُكَّ فكان يعلمُ وقوع القضية قبل أن تقع.
فأصلِحْ قلبكَ، فإنه موضع نظره سبحانه،
وإنه ناظِرٌ إليك، وجازيك عمَّا فيه،
لا عمَّا يقوله الناس، ولا عمَّا تقوله أنتَ.
إنَّ الله لا يُخدع،
فهو لا يرانا من أعلى فحسب،
وإنما يرانا من الداخل.
من الداخل، فتأملها جيداً.
عندما كان ابن سلولٍ يُصلي خلفَ النبيِّ ﷺ
كان بعض الناس قد خُدعوا بتقواه،
أما ربُكَ فكان يُصدر حكمه:
*(إنَّ المنافقين في الدركِ الأسفل من النار)*
وعندما اتهمت الصدِّيقة بنت الصديق عائشة رضي الله عنها في عرضها،
خُدع بعض الناس بالتهمة،
ونالوا من عرضها،
أما ربُكَ فأنزل البراءة قرآناً يُتلى إلى يوم القيامة،
شتّانَ بين قلبٍ وقلب، وإن اختلفت المواقف.
جاء أعرابي من البادية،
رجلٌ مجهول مغمور في سواد الناس،
فبايع النبيُّ ﷺ على الجهاد والهجرة ،
ثم كانتْ غزوة خرجَ فيها هذا الأعرابي في غمار من خرج ذوداً عن لا إله إلا الله،
ومنَّ اللهُ على المسلمين بالنَّصرِ،
وقسمَ النبيُّ ﷺ الغنائم بين أصحابه،
وكان هذا الأعرابي غائباً، فتركَ النبيُّ ﷺ له نصيبه،
فلما حضرَ قيل له: تركَ لكَ النبيُّ ﷺ هذا.
فجاءه، فقال له: يا رسول الله ﷺ ما هذا؟
فقال له ﷺ: قسمته لكَ.
فقال: ولكن ما على هذا اتَّبعتُكَ،
ولكني اتبعتُكَ على أن أُرمى بسهمٍ ههنا،
وأشار إلى رقبته، فأموت فأدخل الجنّة!!
فقال له النبيُّ ﷺ: إن تصدُقِ الله يصدُقكَ.
ثم كانت غزوة أُخرى، فأُتي به إلى النبيِّ ﷺ محمولاً،
والسَّهم مغروز في رقبته حيث أشار سابقاً،
فقال النبيُّ ﷺ: أهوَ هوَ؟
فقالوا: نعم يا رسول الله ﷺ
فقالَ: صدقَ اللهَ فصدَقه اللهُ.
ثم كفَّنه في عباءته،
وصلى عليه، ودعا له.
وكان مما سمعوا من دعائه يومها:
اللهم هذا عبدُكَ خرجَ مهاجراً في سبيلك،
فقُتلَ شهيداً، وأنا على ذلك شهيد!
أخي الحبيب:
لا أعرفُ لكَ مواساةً خيراً من هذا...
رجل مجهول لا يعرف،
ولم تكتب كُتب السيرة شيئاً عنه،
فبقيَ مجهولاً بعد موته تماماً كما كان مجهولاً يوم جاء مُبايعاً.
فما ضرَّه أن لا نعرفه أنا وأنتَ
يكفي أنَّ اللهَ يعرفه، وإن جهلناه.
فلا عليكَ،
أخفِ الصدقة ما استطعتَ،
فإن قيل بخيل،
فقد وقعتْ في يدِ اللهِ قبل أن يقولوا.
وهكذا سائر العبادات والقربات...،
اخلصها لله؛ وليقولوا ما قالوا.
فقد علمَ اللهُ حرارة دمعكَ قبل أن يقولوا.
إنّ المرءَ لا يُؤتى إلا من قِبلِ قلبه،
فإنْ لم تُؤتَ من هناكَ،
فلن يضُرَّك شيء.
والسّلام لقلبكَ.
ـــــــــــــــــــــــــــ
بدائع الفوائد📚