منتديات أحاسيس الليل

منتديات أحاسيس الليل (http://www.a7-lil.com/vb/index.php)
-   نفحات ايمانيه (http://www.a7-lil.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   بشائر التائبين (خطبة الأولى) (http://www.a7-lil.com/vb/showthread.php?t=36268)

روز 10-Nov-2025 08:07 AM

بشائر التائبين (خطبة الأولى)
 

بشائر التائبين (خطبة الأولى)
الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري

الحمد لله الذي يقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات، أمر عباده بالتوبة، ووعدهم عليها جزيل الثواب ودرء العقاب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، نبي الرحمة ونبي التوبة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن من طبيعة ابن آدم الوقوع في الذنب، فمستقل ومستكثر، والموفق من هداه الله للتوبة وتقبلها، فالفضل لله أولًا وآخرًا، ألقى في قلب عبده التوبة ووفقه إليها ثم تقبلها منه، فلله الحمد هو أهل التقوى وأهل المغفرة.
ولا يزال الشيطان يوقع العباد في الذنوب ويُزيِّنها لهم؛ قال تعالى: ﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ [الأعراف: 16، 17].
ومن رحمة الله أن فتح لعباده باب التوبة ودعاهم لها؛ قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا ﴾ [التحريم: 8].
وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنعام: 54].
ومن تاب تاب الله عليه مهما عظم ذنبه؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].
بل إن الله يبدل سيئات التائب حسنات؛ قال تعالى: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 70].
قال ابن القيم: "قد استقرت حكمة الله به عدلًا وفضلًا: أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وقد ضمن الله سبحانه لمن تاب من الشرك وقتل النفس والزنا، أنه يبدل سيئاته حسنات، وهذا حكم عام لكل تائب من ذنب، وقد قال تعالى: ﴿ قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53] فلا يخرج من هذا العموم ذنب واحد، ولكن هذا في حق التائبين خاصة"؛ انتهى من "الجواب الكافي".

وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 135].
وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110].
وقال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل: ((يا عبادي، إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعًا، فاستغفروني أغفر لكم))؛ رواه مسلم.
ما أرحم الله بعباده! يخبر عن مغفرته لجميع ذنوبهم، ويأمرهم بالتوبة منها.
وصدق رسول صلى الله عليه وسلم حين أخبر أن الله أرحم من الوالدة بولدها، فنسأل الله من فضله وجوده.
وقد أخبر الله جل جلاله بمحبته للتائبين؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ﴾ [البقرة: 222].
وأخبر جل جلاله بوده لهم؛ قال تعالى: ﴿ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ﴾ [البروج: 14]، وفي الجمع بين هذين الاسمين من أسمائه تعالى فائدة، وهي أن التائب من ذنبه تعود محبة الله إليه كما كانت قبل الذنب؛ بل قد تكون أشد من قبل، وذلك بحسب قوة التوبة وكمالها.
وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يتوب في اليوم مائة مرة، ويأمر الناس بالتوبة؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناسُ، توبوا إلى اللهِ؛ فإني أتوبُ في اليومِ إليه مائةَ مرةٍ))؛ رواه مسلم.
ومن صدق الله في توبته صدقه الله.
قال العلامة ابن القيم: "إذا عزمت التوبة وصحت ونشأت من صميم القلب أحرقت ما مرت عليه من السيئات حتى كأنها لم تكن؛ فإن التائب من الذنب لا ذنب له"؛ ا. هـ.
فرحم الله عبدًا تفكَّر في نفسه قبل حلول رمسه، وحاسبها عن يومه وأمسه؛ قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18].
فبادر يا عبدالله إلى التوبة قبل حلول الأجل قبل أن تصبح مرتهنًا بما قدمت من عمل؛ قال تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [المؤمنون: 99، 100].
ومن حسنات التوبة أن الملائكة تستغفر للتائبين وتدعو لهم؛ قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [غافر: 7- 9].
يخبر تعالى عن كمال لطفه تعالى بعباده المؤمنين، من استغفار الملائكة المقربين لهم، ودعائهم لهم بما فيه صلاح دينهم وآخرتهم، وهم ﴿ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ ﴾؛ أي: عرش الرحمن، الذي هو سقف المخلوقات وأعظمها وأوسعها وأحسنها، وأقربها من الله تعالى، الذي وسع الأرض والسماوات والكرسي، وهؤلاء الملائكة قد وكلهم الله تعالى بحمل عرشه العظيم، فلا شك أنهم من أكبر الملائكة وأعظمهم وأقواهم، واختيار الله لهم لحمل عرشه، وتقديمهم في الذكر، وقربهم منه، يدل على أنهم أفضل أجناس الملائكة عليهم السلام.
فمن محبة الملائكة لهم دعوا الله، واجتهدوا في صلاح أحوالهم، ودعاؤهم للتائبين دليلٌ على محبتهم لهم.
فاللهم تب علينا وارزقنا محبتك ومحبة عبادك الصالحين.



سلطان الزين 10-Nov-2025 10:02 AM

رد: بشائر التائبين (خطبة الأولى)
 
كل الورود لك يارائعة

زهرة الشمس 10-Nov-2025 03:09 PM

رد: بشائر التائبين (خطبة الأولى)
 
جزاك الله خير الجزاء..
وبارك فيك ونفع بك ..
ورفع الله قدرك في الدارين.

ابو صالح 10-Nov-2025 05:48 PM

رد: بشائر التائبين (خطبة الأولى)
 
روز

جزاك الله خير على طرحك

الحر 12-Nov-2025 08:52 AM

رد: بشائر التائبين (خطبة الأولى)
 
جزاك الله خير
وكتب الله أجرك وبارك الله فيك

روز 14-Nov-2025 09:06 AM

رد: بشائر التائبين (خطبة الأولى)
 
اشكر تواجدكم الرائع والجميل جداً
لقد انرتم موضوعي البسيط بطلتكم الرائعه والجميله

غَيْم..! 14-Nov-2025 01:28 PM

رد: بشائر التائبين (خطبة الأولى)
 
جزاك الله خير
وجعله في ميزان حسناتك ..

N@gh@m 15-Nov-2025 08:43 AM

رد: بشائر التائبين (خطبة الأولى)
 
https://i.top4top.io/p_3595i36rz1.png

داانة البحر 17-Nov-2025 06:56 AM

رد: بشائر التائبين (خطبة الأولى)
 



https://lh5.googleusercontent.com/pr...-YAaIrztG98grA

باارك الله فيك وجزاك الله كل خير
طرح قييم ومفيد اشكرك على
ماانتقيتي وطرحتي
سلمتي وسلمت الايااادي
جعله الله فى ميزان اعمالك
تحيتي وتقديري وبانتظاار جديدك
دمتي وبحفظ الرحمن


https://lh5.googleusercontent.com/pr...-YAaIrztG98grA







































































روز 20-Nov-2025 04:57 PM

رد: بشائر التائبين (خطبة الأولى)
 
اشكر تواجدكم الرائع والجميل جداً
لقد انرتم موضوعي البسيط بطلتكم الرائعه والجميله


الساعة الآن 10:07 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010

جميع ما يطرح في منتديات أحاسيس الليل لا يعبر عن رأي الموقع وإنما يعبر عن رأي الكاتب
وإننــے أبرأ نفســے أنا صاحبة الموقع أمامـ الله سبحانه وتعالــے من أــے تعارف بين الشاب والفتاة من خلال أحاسيس الليل
vEhdaa 1.1 by rKo ©2009