![]() |
الهجرةُ الأولى إلى الحبشةِ.
الهجرةُ الأولى إلى الحبشةِ. اشتدَّ أذى المشركين لِمَنْ آمن، وتزايدت جرأتُهم عليهم، وتنوَّعت أشكالُ تعذيبِهم لهم، خاصَّةً في حقِّ الموالي والمستضعفين، فبعضُهم كان يُلقَى في شِدَّةِ الـحَرِّ، وبعضُهم تُوضَعُ على صدرِه الصَّخرةُ العظيمةُ، فإذا أُطلِقَ لم يستطعْ أن يجلسَ مِنْ شِدَّةِ الألمِ، إلى غيرِ ذلك مِنْ أصنافِ العذابِ. وكان الصِّدِّيقُ رضي اللهُ عنه إذا مرَّ بأحدٍ مِنَ الموالي وهو يُعذَّبُ، اشتراه وأعتقه، فأعتقَ بلالًا، وأُمَّه حمامةَ، وعامرَ بنَ فُهَيرةَ، وأُمَّ عُبَيْسٍ، وزِنِّيرةَ، والنَّهديَّةَ، وابنتَها، حتى قال له أبوه "أبو قُحافة": يا بُنَيَّ، أراكَ تُعتِقُ رِقابًا ضِعافًا، فلو أنَّك إذْ فعلتَ ما فعلتَ أعتقتَ رجالًا جُلْدًا يمنعونك ويقومون دونَك؟ فقالَ: "يا أَبَتِ، إنَّما أُرِيدُ ما أُرِيدُ"، فنزلتْ هذه الآيةُ: ﴿ وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى ﴾ [الليل: 17، 18][1]. ولَمَّا رأى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ما يُصِيبُ أصحابَه مِنَ الإيذاءِ والتَّعذيبِ، وهم غيرُ قادرين على رَدِّه لقِلَّةِ عددِهم وضعفِ قُوَّتِهم؛ أشار عليهم صلى الله عليه وسلم أنْ يهاجروا إلى الحبشةِ كي يجعلَ اللهُ لهم فرجًا ممَّا هم فيه. فهاجر إليها منهم عشرةُ رجالٍ، وخمسُ نسوةٍ، مُؤْثِرينَ الغُرْبةَ في بلادٍ مجهولةٍ قاصيةٍ، مُتحمِّلِينَ صنوفَ المشاقِّ والـمُهْلِكاتِ في سبيلِ سلامةِ الدِّينِ. وكان أوَّلُ مَنْ هاجر فارًّا بدينِه عثمانَ بنَ عفَّانَ، ومعَه زوجتُه رُقَيَّةُ بنتُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وكان مخرجُهم إلى الحبشةِ في شهرِ رجبٍ في السَّنةِ الخامسةِ مِنَ البعثةِ النَّبويَّةِ، ومكثوا هناك ثلاثةَ أشهرٍ، رجعوا بعدَها إلى مكَّةَ، بعدَ أنْ شاعَ الخبرُ بأنَّ أهلَ مكَّةَ قد أسلموا، وعندَ وصولِهم لمشارفِ مكَّةَ تبيَّن لهم أنَّ الأمرَ ليس كذلك، وأنَّ أذى المشركين يزدادُ على الدَّعوةِ ومَنْ آمنَ بها، فاختار بعضُهم الدُّخولَ إلى مكَّةَ تَسلُّلًا، ودخل بعضُهم في جِوارِ أحدٍ، واختار بَقِيَّتُه. [1] أسباب النُّزول للواحديِّ (456). |
الساعة الآن 12:12 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas