![]() |
الْكَبيرُ المتكبر جل جلاله وتقدست أسماؤه 1
عَنَاصِرُ الْمَوْضُوعِ:
أَوْلًا: الدِّلاَلاَتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسْمِ (الكَبيرِ). ثَانِيًا: الدِّلاَلاَتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسْمِ (الُمتَكَبِّرِ). ثَالِثًا: وُرُودُ الاسْمَينِ في القُرْآنِ الكَرِيمِ. رَابِعًا: مَعْنَى الاسْمَينِ في حَقِّ الله تَعَالَى. خَامِسًا: ثَمَراتُ الإِيمَانِ بهذين الاسْمَين. النِّيَّاتُ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَحْضِرَهَا الُمحَاضِرُ قَبْلَ إِلْقَاءِ هَذِهِ الُمحَاضَرَةِ: أولًا: النِّيَّاتُ العَامَّةُ: 1- يَنْوي القيامَ بتبليغِ الناسِ شَيْئًا مِنْ دِينِ الله امْتِثَالًا لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «بلِّغُوا عَني ولَوْ آيةً»؛ رواه البخاري. 2- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى ثَوَابِ مَجْلِسِ العِلْمِ [1]. 3- رَجَاءَ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ مَجْلِسِه ذلك مَغْفُورًا لَهُ [2]. 4- يَنْوِي تَكْثِيرَ سَوَادِ المسْلِمِينَ والالتقاءَ بِعِبادِ الله المؤْمِنينَ. 5- يَنْوِي الاعْتِكَافَ فِي المسْجِدِ مُدةَ المحاضرة ـ عِنْدَ مَنْ يَرَى جَوَازَ ذَلِكَ مِنَ الفُقَهَاءِ ـ لَأَنَّ الاعْتِكَافَ هو الانْقِطَاعُ مُدَّةً للهِ في بيتِ الله. 6- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى أَجْرِ الخُطُوَاتِ إلى المسْجِدِ الذي سَيُلْقِي فيه المحَاضَرَةَ [3]. 7- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى ثَوَابِ انْتِظَارِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، إذا كانَ سَيُلْقِي مُحَاضَرَتَه مثلًا مِنَ المغْرِبِ إلى العِشَاءِ، أَوْ مِنَ العَصْرِ إِلَى الَمغْرِبِ [4]. 8- رَجَاءَ أَنْ يَهْدِي اللهُ بسببِ مُحَاضَرَتِه رَجُلًا، فَيَأْخُذَ مِثْلَ أَجْرِهِ [5]. 9- يَنْوِي إرْشَادَ السَّائِليِنَ، وتَعْلِيمَ المحْتَاجِينَ، مِنْ خِلَالِ الرَّدِّ عَلَى أَسْئِلَةِ المسْتَفْتِينَ [6]. 10- يَنْوِي القِيَامَ بِوَاجِبِ الأمرِ بالمعروفِ، وَالنهيِ عَنِ الُمنْكَرِ ـ بالحِكْمَةِ والموعظةِ الحسنةِ ـ إِنْ وُجِدَ مَا يَقْتَضِي ذلك. 11- يَنْوِي طَلَبَ النَّضْرَةِ الَمذْكُورَةِ فِي قولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «نَضَّرَ اللهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَحَفِظَهَا، ثُمَّ أَدَّاهَا إِلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْها»، رواه أحمدُ والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ الألبانيُّ في صحيحِ الجامعِ (6766). ثُمَّ قَدْ يَفْتَحُ اللهُ عَلَى الُمحَاضِرِ بِنِيَّات صَالِحَةٍ أُخْرَى فَيَتَضَاعَفُ أَجْرُه لقولِ النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»، مُتَّفَقٌ عَلَيه. ثانيًا: النِّيَّاتُ الخَاصَّةُ: 1- تَنْوِي تَعْرِيفَ المسْلِمِينَ بِمَعَانِي (الكَبيرِ ـ والُمتَكَبِّرِ). 2- تَنْوِي حَثَّ المسْلِمِين عَلَى تَعْظِيمِ الله وَتَنْزِيهِهِ عَنْ كُلِّ مَا لَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ. 3- تَنْوِي تَحْذِيرَ المسْلِمِينَ مِنْ الكِبْرِ والتَّكَبُّرِ. 4- تَنْوِي تَحْذِيرَ المسْلِمين مِنَ الظُّلْمِ؛ لأَنَّ اللهَ قَدِيرٌ كَبِيرٌ يَنْتَقِمُ للمَظْلُومِينَ. أولًا: الدِّلاَلاَتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسْمِ (الكَبيرِ): الكَبِيرُ في اللُّغَةِ مِنْ صِيَغِ المبَالَغَةِ، فِعْلُهُ كَبُرَ كِبَرًا وَكُبْرًا فهو كَبِيرٌ. والكِبَرُ نَقِيضُ الصِّغَرِ كَبُرَ بالضَّمِّ يَكْبُرُ أَيْ عَظُمَ. والكَبِيرُ والصَّغِيرُ مِنَ الأَسْمَاءِ الُمتَضَايِقَةِ التي تُقُالُ عِنْدَ اعْتِبَارِ بَعْضِها بِبَعْضٍ، فالشَّيْءُ قَدْ يَكُونُ صَغِيرًا فِي جَنْبِ شَيْءٍ وَكَبِيرًا فِي جَنْبِ غَيْرِهِ، وَيُسْتَعْمَلَانِ فِي الكَمِّيَّةِ المتَّصِلَةِ كالكَثِيرِ والقَلِيلِ، والمنْفَصِلَةِ كالعَدَدِ [7]. ويَكُونُ الكِبَرُ فِي اتِّسَاعِ الذَّاتِ وَعَظمَةِ الصِّفَاتِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ﴾ [الفرقان: 52]. وَأَيْضًا فِي التَّعَالِي بالَمنْزِلَةِ وَالرِّفْعَةِ كَقَوْلِهِ: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُون ﴾ [الأنعام: 123]. والكَبِيرُ سُبْحَانَهُ هُوَ العَظِيمُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، عَظَمَتُهُ عَظَمَةٌ مَطْلَقَةٌ، وَهُوَ الَّذِي كَبُرَ وَعَلَا فِي ذَاتِهِ قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255]. رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الله بِنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ: «مَا السَّمَاوَاتِ السَّبْعُ والأَرْضُونَ السَّبْعُ فِي يَدِ الله إِلَّا كَخَرْدَلَةٍ في يَدِ أَحَدِكُمْ» [8]. وَهُوَ الكَبِيرُ في أَوْصَافِهِ فَلَا سَمِيَّ لَهُ ولا مَثِيلَ، ولا شَبِيهَ وَلَا نَظِيرَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ [مريم: 65]. وَهُوَ الكَبِيرُ فِي أَفْعَالِهِ فَعَظَمَةُ الخَلْقِ تَشْهَدُ بِكَمَالِهِ وَجَلَالِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [غافر: 57]. وَهُوَ سُبْحَانَهُ الُمتَّصِفُ بالكِبْرِيَاءِ وَمَنْ نَازَعَهُ فِي ذَلِكَ قَسَمَهُ وَعَذَّبَهُ، رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أبي هريرةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «قَالَ اللُه تَعَالَى: العِزُّ إِزَارِي، وَالكِبْرِيَاء ردَائِي، فَمَنْ يُنَازِعُنِي عَذَّبْتُهُ» [9]. فَهُوَ سُبْحَانَهُ الكَبِيرُ الموْصُوفُ بالجلالِ وعِظَمِ الشَّأْنِ، وهو المنْفَرِدُ بِذَاتِهِ وصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ عَنْ كُلِّ مَنْ سِوَاهُ، فله جَمِيعُ أَنْوَاعِ العُلُوِّ المعْرُوفَةِ بَيْنَ السَّلَفِ. ثانيًا: الدِّلاَلاَتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسْمِ (الُمتكَبرِ): المتَكَبِّرُ ذُو الكِبْرِيَاءِ وَهُوَ الَملِكُ اسْمُ فاعِلٍ للمَوْصُوفِ بالكِبْرِيَاءِ. والُمتَكَبِّرُ هُوَ العَظِيمُ الُمتَعَالِي القَاهِرُ لِعُتَاةِ خَلْقِهِ، إِذَا نَازَعُوهُ العَظَمَةَ قَصَمَهُم. والمتَكَبِّرُ أَيْضًا هُوَ الَّذِي تَكَبَّرَ عَنْ كُلِّ سُوءٍ، وَتَكَبَّرَ عَنْ ظُلْمِ عِبَادِهِ، وَتَكَبَّرَ عَنْ قَبُولِ الشِّرْكِ فِي العِبَادَةِ، فَلَا يَقْبَلُ مِنْهَا إلا ما كَانَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ، رَوَى مُسْلمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أبي هريرةَ رضي الله عنه أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ؛ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» [10]. وَأَصْلُ الكِبْرِ والكِبْرِيَاءِ الامْتِنَاعُ. والكبْرِيَاءُ في صِفَاتِ الله مَدْحٌ وِفِي صِفَاتِ الَمخْلُوقِينَ ذَمٌّ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ المُتَفَرِّدُ بِالعَظَمَةِ وَالكِبْرِيَاءِ، وَكُلُّ مَنْ رَأَى العَظَمَةَ وَالعُجْبَ والكِبْرِيَاءَ لِنَفْسِهِ عَلَى الخُصُوصِ دُونَ غَيْرِهِ كَانَتْ رُؤْيَتُه خَاطِئَةً كَاذِبَةً بَاطِلَةً؛ لَأَنَّ الكِبْرِيَاءَ لا تَكُونُ إلا لله، والأَكْرَمِيَّةُ بَيْنَ العِبَادِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الأَفْضَلِيَّةِ فِي تَقْوَى الله. والتَّاءُ في اسْمِ الله المتَكَبِّرِ تَاءُ التَّفَرُّدِ والتَّخَصُّصِ؛ لأَنَّ التَعاطِيَ والتَّكَلُّفَ والكِبْرَ لا يَلِيقُ بأحَدٍ مِنَ الخَلْقِ، وَإِنَّمَا سِمَةُ العَبْدِ الخُضُوعُ والتَّذَلُّلُ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [الزمر: 60]. وَقَالَ مُوسَى: ﴿ وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ ﴾ [غافر: 27]. وَقَالَ سُبْحَانَهُ أَيْضًا: ﴿ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ﴾ [غافر: 35]. وَعِنْدَ الترمِذِيِّ وحَسَّنَهُ الألبانيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِوٍ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يُحْشَرُ الُمتَكَبِّرُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَان، فَيُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِي جَهَنَّمَ يُسَمَّى بُولَسَ تَعْلُوهُمْ نَارُ الأَنْيَارِ ُيسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ طِينَةَ الخَبَالِ» [11]. وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَدْخُلُ الجَنَّة مَنْ كَانَ في قَلبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّة مِنْ كِبْرٍ»، قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنًا، قَالَ: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ» [12]. ثالثًا: وُرُودُ الاسْمَينِ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ سَمَّى اللهُ ـ نَفْسَهُ رضي الله عنهما (الُمتَكَبِّرِ) فِي آيةٍ واحِدَةٍ مِنَ القُرْآنِ الكَرِيمِ؛ فِي قَوْلِهِ: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الحشر: 23]. وَأَمَّا اسْمُهُ (الكَبِيرُ) فَقَدْ وَرَدَ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ مِنَ القُرْآنِ الكَرِيمِ؛ مِنْهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ ﴾ [الرعد: 9]. وَقَوْلُه: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾ [الحج: 62]. وَقَدْ جَاءَ مُقْتَرِنًا بِاسْمِهِ (العَلِيِّ) و(الُمتَعَالِ). رابعًا: مَعْنَى الاسْمَيْنِ فِي حَقِّ الله تَعَالَى قَالَ قَتَادَةُ: «(الُمتَكَبِّرُ) أَيْ: تَكَبَّرَ عَنْ كُلِّ شَرٍّ»[13]. وَقِيلَ: (الُمتَكَبِّرُ) هو الذي تَكَبَّرَ عَنْ ظُلْمِ عِبَادِهِ، وَهُوَ يَرْجِعُ إِلَى الأَوَّلِ[14]. وَقَالَ الخَطَّابِيُّ: «هو الُمتَعَالِي عَنْ صِفَاتِ الخَلْقِ، ويُقَالُ: هُوَ الذي يَتَكَبَّرُ عَلَى عُتَاةِ خَلْقِهِ إِذَا نَازَعُوهُ العَظَمَةَ»[15]. وَقَالَ القُرْطُبِيُّ: «(الُمتَكَبِّرُ) الذي تَكَبَّرَ بِرُبُوبِيَّتِهِ فَلَا شَيْءَ مِثْلُهُ، وَقِيلَ: (الُمتَكَبِّرُ) عَنْ كُلِّ سُوءٍ، الُمتَعَظِّمُ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ صِفَاتِ الحَدَثِ وَالذَّمِّ، وَأَصْلُ الكِبْرِ والكِبْرِيَاءِ الامْتِنَاعُ وَقِلَةُ الانْقِيَادِ، قَالَ حُمَيْدٌ بْنِ ثَوْرٍ: عفت مِثْلَ مَا يَعْفُو الفَصِيلُ فَأَصْبَحَتْ بَهَا كِبْرِيَاءُ الصَّعْبِ وهي ذَلُولُ[16] وَقَالَ عَبْدُ الله النَّسَفَي: «هُوَ البَلِيغُ الكِبْرِيَاءِ والعَظَمَةِ»[17]. وَأَمَّا مَا قَالَهُ العُلَمَاءُ في مَعْنَى اسْمِهِ (الكَبِيرِ) فَإِنَّهُ مُشَابِهٌ لِـمَا ذَكَرْنَا مِنْ مَعْنَى (الُمتَكَبَّرِ). قَالَ ابنُ جَرِيرٍ: «(الكَبِيرُ) يَعْنِي العَظِيمَ الذي كُلُّ شَيْءٍ دُونَهُ ولا شَيْءَ أَعْظَمُ مِنْهُ»[18]. وَقَالَ الخَطَّابِيُّ: «(الكَبِيرُ) هُوَ الُموْصُوفُ بالجَلَالِ وكِبَرِ الشَّأْنِ فَصَغُرَ دُونَ جَلَالِهِ كُلُّ كَبِيرٍ، ويُقَالُ: هُوَ الَذِي كَبُرَ عَنْ شِبَهِ الَمخْلُوقِينَ» [19]. وعلى هذا يَكُونُ مَعْنَى (الُمتَكَبِّرِ) و(الكَبِيرِ): 1- الذي تَكَبَّرَ عَنْ كُلِّ سُوءٍ وَشَرٍّ وَظُلْمٍ. 2- الذي تَكَبَّرَ وَتَعَالَى عَنْ صِفَاتِ الخَلْقِ فَلَا شَيْءَ مِثْلُه. 3- الذي كَبُرَ وَعَظُمَ فَكُلُّ شَيْءٍ دُونَ جَلَالِهِ صَغِيرٌ وَحَقِيرٌ. 4- الذي لَهُ الكِبْرِيَاءُ في السَّمَواتِ والأَرْضِ أَيْ: السُّلْطَانُ والعَظَمَةُ. خامسًا: ثَمَرَاتُ الإِيمَانِ بهذين الاسْمَينِ: 1- إنَّ اللهَ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وأَكْبَرُ مِنْ أَنْ يُعْرَفَ كُنْهُ كِبْرِيَائِهِ وَعَظَمَتِهِ وَأَكْبَرُ مِنْ أَنْ نُحِيطَ بِهِ عِلْمًا، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ﴾ [طه: 110]، فَاللُه جَلَّتْ عَظَمَتُهُ أَكْبَرُ مَنْ أَنْ نَعْرِفَ كَيْفِيَّةَ ذَاتِهِ أَوْ صِفَاتِهِ؛ وَلِذَلِكَ نُهِينَا عَنِ التَّفَكُّرِ في الله لأَنَّنَا لَنْ نُدْرِكَ ذَلِكَ بِعُقُولِنَا الصَّغِيرَةِ القَاصِرَةِ الَمحْدُودَةِ، فَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «تَفَكَّرُوا في آلاءِ الله، ولا تَفَكَّرُوا فِي الله تعالى»[20]. وَقَدْ وَقَعَ الفَلَاسِفَةُ فِي ذَلِكَ وَحَاوَلُوا أَنْ يُدْرِكُوا كَيْفِيَّةَ وَمَاهِيَّةَ رَبِّهم بِعُقُولِهم فَتَاهُوا وَضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا، وَلَمْ يَجْنُوا سِوَى الحَيْرَةِ والتَّخَبُّطِ والتَّنَاقُضِ فيما سَطَّرُوه من الأَقْوَالِ وَالمُعْتَقَدَاتِ. فَمَنْ أَرَادَ مِعْرِفَةَ رَبِّهِ وَصِفَاتِهِ فَعَلَيْهِ بِطَرِيقِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم؛ لأَنَّهُ أَعْلَمُ الخَلْقِ بالله وَصِفَاتِهِ، فَعَلَيْهِ أُنْزِلَ الكِتَابُ العَزِيزُ الذي لا تَكَادُ الآيَةُ مِنْهُ تَخْلُو مِنْ صِفَةٍ لله سُبْحَانَهُ سَوَاءً كَانَتْ ذَاتِيَّةً أَوْ فِعْلِيَّةً أَوِ اسْمًا مِنْ أَسَمَائِهِ الحُسْنَى، وَعَلَيْهِ أَيْضًا أُنْزِلَتِ السُّنْةُ الشَّارِحَةُ والمُفَصِّلَةُ للكِتَابِ، فَطَرِيقُه صلى الله عليه وسلم هُوَ الطَّرِيقُ الأَسْلَمُ وَمَنْهَجُه هُوَ الَمنْهَجُ الأَقْوَمُ، فَمَنِ اتَّبَعَهُ كَانَ مِنَ النَّاجِينَ، ولذلك بَيَّنَ فِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ الفِرْقَةَ النَّاجِيَةَ هِيَ مَا كَانَ عَلَيْهِ هُوَ وأَصْحَابِهِ ـ رِضْوَانُ الله عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ـ في المُعْتَقَدِ والعِبَادَةِ وَالسُّلُوكِ. 2- إِنَّ التَّكَبُّرَ لَا يَلِيقُ إِلَّا بِهِ، فَصِفَةُ السَّيِّدِ التَّكَبُّرُ والتَّرَفُّعُ، وأَمَّا العَبْدُ فَصِفَتُه التَّذَلُّلُ وَالخُشُوعُ والخُضُوعُ. وَقَدْ تَوَعَّدَ اللهُ سُبْحَانَهُ الُمتَكَبِّرِينَ بِأَشَدِّ العَذَابِ يَوْمَ القِيَامَةِ قَالَ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى: ﴿ وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ ﴾ [الأحقاف: 20]. وَقَالَ: ﴿ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [الزمر: 60]. وَاسْتِكْبَارُهم هذا: هو رَفْضُهم الانْقِيَادَ لله ولأوامِرِه ورَفْضِهم عِبَادَةَ رَبِّهم كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [الصافات: 35]. فَرَفَضُوا الإِذْعَانَ لِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ، وَقَوْلُه سُبْحَانَهُ: ﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ ﴾ [الجاثية: 31]، يُبَيِّنُ أَنَّهُمْ رَفَضُوا الحَقَّ الذِي جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ وَرَدُّوهُ وَلَمْ يَقْبَلُوهُ، وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ﴿ قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ ﴾ [الشعراء: 111]، يُبَيِّنُ أَنَّهُمْ احْتَقَرُوا أَتْبَاعَ الرُّسُلِ لِكَوْنِهم مِنْ ضَعَفَةِ النَّاسِ وَفُقَرَائِهم فَلَمْ يَدْخُلُوا في جَمَاعَتِهم وَلَمْ يُشَارِكُوهم في الإِيمَانِ بِمَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ [21]. وَكَانَ الكِبْرُ سَبَبًا للطَّبْعِ عَلَى قُلُوبِهم فَلَمْ تَعُدْ تَعْرِفُ مَعْرُوفًا ولا تُنْكِرُ مُنْكَرًا، قَالَ تَعَالَى: ﴿ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ﴾ [غافر: 35]. فَالحَاصِلُ أَنَّ الكِبْرَ كَانَ سَبَبًا فِي هَلَاكِ الأُمَمِ السَّابِقَةِ، بل كَانَ السَّبَبُ فِي هَلَاكِ إِبْلِيسَ عليه لَعْنَةُ الله وطَرْدِهِ مِنْ رَحْمَةِ الله أَنَّهُ أَبَى أَنْ يَسْجُدَ لِآدَمَ صلى الله عليه وسلم واسْتَكْبَرَ عَلَى أَمْرِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 34]. 3- وَلَا يَكَادُ يَخْلُو طَاغِيَةٌ فِي الأَرْضِ مِنْ هَذَا الَمرَضَ العُضَالِ الذي كَثُرَتِ الآياتُ فِيهِ وَالأَحَادِيثُ الُمحَذِّرَةُ مِنْهُ وَالآمِرَةُ بالتَّوَاضُعِ، وَدَوَاؤُه أَنْ يَتَذَكَّرَ العَبْدُ دَوْمًا أَنَّه لا حَوْلَ لَهُ وَلَا قُوَّةَ إلا بِرَبِّه وأَنَّ اللهَ هُوَ الكَبِيرُ الُمتَعَال عَلَى الخَلْقِ أَجْمَعِينَ، القَادِرُ على الانْتِقَامِ مِنَ الأَقْوِيَاءِ للضُّعَفَاءِ والمَسَاكِينَ كَمَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ﴾ [النساء: 34]؛ أَيْ: وَالنِّسَاءُ اللاتِي تَتَخَوَّفُونَ أَنْ يَعْصِينَ أَزْوَاجَهُن فَذَكِّرُوهُنَ بالله فَإِنْ هِي رَجَعَتْ وَإِلَّا هَجَرَهَا، فَإِنْ أَقْبَلَتْ وَإِلَّا ضَرَبَها ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فَإِذَا أَطَاعَتِ الَمرْأَةُ زَوْجَهَا فِي جَمِيعِ مَا يُرِيدُه منها مِـمَّا أَبَاحَهُ اللهُ فَلَا سَبِيلَ له عليها، وَقَوْلُهُ: ﴿ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ﴾: تَهْدِيدٌ للرِجَالِ إِذَا بَغَوا على النِّسَاءِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ فَإِنَّ اللهَ العَلِيَّ الكَبِيرَ وَلِيُّهُنَ، وَهُوَ مُنْتَقِمٌ مِـمَّنْ ظَلَمَهُنَ وَبَغَى عَلَيْهِنَ[22]. فَذَكَّرَ اللهُ الرِّجَالَ بِأَنَّهُ هَوُ العَلِّيُّ الكَبِيرُ لِيُحَذِّرَهُمْ مِنَ الظُّلْمِ والتَّكَبُّرِ والطُغْيَانِ على الَمرْأَةِ الضَّعِيفَةِ. 4- والكِبْرُ يَمْنَعُ أَيْضًا من طَلَبِ العِلْمِ والسُّؤَالِ عَنْهُ؛ لأَنَّ الُمتَكَبِّرَ يَتَرَفَّعُ عَنِ الجُلُوسِ بَيْنَ يَدَي العَالِم لِلتَّعَلُّمِ وَيَرَى أَنْ فِي ذَلِكَ مَهَانَةً لَهُ، وَيُؤْثِرُ البَقَاءَ عَلَى الجَهْلِ فَيَجْمَعُ بَيْنَ الكِبْرِ والجَهْلِ، بَلْ قَدْ يُجَادِلُ وَيُنَاقِشُ وَيَخُوضُ فِي المسَائِلِ بِدُونِ عِلْمٍ حَتَّى لَا يُقَالَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ فَيَصْغُرُ عِنْدَ النَّاسِ، قَالَ تَعَالَى ذِكْرُه: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ * ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾ [الحج: 8، 9]؛ أَيْ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي الله بِغَيْرِ عِلْمٍ صَحِيحٍ ولا نَقْلٍ صَرِيحٍ بَلْ بِمُجَرَّدِ الرَّأْيِ والَهوَى وإذا دُعِيَ إِلَى الحَقِّ ثَنَى عِطْفَه أَيْ: لَوَى رَقَبَتَه مُسْتَكْبِرًا عَمَّا يُدْعَى إِلَيْهِ مِنَ الحَقِّ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ [لقمان: 18]، فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ له في الدُّنْيَا الخِزْيَ وهو الإهَانَةُ وَالذُّلُّ لَأَنَّهُ اسْتَكْبَرَ عَنْ آيَاتِ الله فَجُوزِيَ بِنَقْيضِ قَصْدِهِ وَلَهُ فِي الآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ الُمحْرِقَةِ. وَنَحْوُه قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [غافر: 56]. وَقَدْ ذَمَّ السَّلَفُ الكِبْرَ فِي العِلْمِ؛ فَمِنْ أَقْوَالِهم: مَنْ أُعْجِبَ بِرَأْيِهِ ضَلَّ، وَمَنِ اسْتَغْنَى بِعَقْلِهِ زَلَّ، وَمَنْ تَكَبَّرَ عَلَى النَّاسِ ذَلَّ، وَمَنْ خَالَطَ الأَنْذَالَ حَقُرَ، وَمَنْ جَالَسَ العُلَمَاءَ وَقُرَ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بنُ الأَشْعثِ: سَأَلْتُ الفُضَيلَ بنَ عِياضٍ عَنِ التَّوَاضُعِ فَقَالَ: «أَنْ تَخْضَعَ للحَقِّ وَتَنْقَادَ له مِمَّنْ سَمِعْتَه وَلَوْ كَانَ أَجْهَلَ النَّاسِ لَزِمَك أَنْ تَقْبَلَه مِنْهُ». وَقَالَ سَعِيدٌ بْنُ جُبيرٍ: «لَا يَزَالُ الرَّجُلُ عَالمًا مَا تَعَلَّمَ فَإِذَا تَرَكَ التَّعَلُّمَ وَظَنَّ أَنَّهَ قَدِ اسْتَغْنَى واكْتَفَى بِمَا عِنْدَهُ فَهُوَ أَجْهَلُ مَا يَكُونُ». وَنَبِيُّ الله مُوسَى عَلَيه الصلاةُ والسلامُ لَمْ تَمْنَعْه مَنْزِلَةُ النُّبُوَّةِ مِنْ أَنْ يَطْلُبَ العِلْمَ مِـمَّنْ هو دُونَه فَقَالَ للخَضِرِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ: ﴿ قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ﴾ [الكهف: 66]. وَلَمْ يَزَلْ عُلَمَاءُ السَّلَفِ يَسْتَفِيدُون مِنْ طَلَبَتِهم مَا ليسَ عِنْدَهُمْ، قَالَ الحُمَيْدِيُّ وَهُوَ تِلْمِيذُ الشَّافِعِيِّ: صَحِبْتُ الشَّافِعِيَّ مَنْ مَكَّةَ إِلَى مِصْرَ فَكُنْتُ أسْتَفِيدُ مِنْهُ الَمسَائِلَ وَكَانَ يَسْتَفِيدُ مِنِّي الحَدِيثَ. وَقَالَ أَحْمَدُ بِنْ حَنْبلِ: قَالَ لَنَا الشَّافِعِيُّ أنَتُمْ أَعْلَمُ بِالحَدِيثِ مِنِّي فإذا صَحَّ عِنْدَكم الحَدِيثُ فَقُولُوا لَنَا حَتَى آخُذَ به. وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ القَائِلِ: لَيْسَ العَمَى طُولَ السُّؤَالِ وَإِنَّمَا تَمَامُ العَمَى طُولُ السُّكُوتِ عَلَى الجَهلِ[23] |
رد: الْكَبيرُ المتكبر جل جلاله وتقدست أسماؤه 1
https://2img.net/h/i1130.photobucket...f?t=1318009792 جزاك الله كل خير على ماانتقيت طرح قييم ومفيد بااارك الله فيك وسلمت الايااادي جعله الله فى ميزان اعمالك اشكرك لما جلب وطرح تحيتي وتقديري دمتي بحفظ الرحمن https://2img.net/h/i1130.photobucket...f?t=1318009792 |
رد: الْكَبيرُ المتكبر جل جلاله وتقدست أسماؤه 1
جزاك الله خير
وجعله في ميزان حسناتك .. |
رد: الْكَبيرُ المتكبر جل جلاله وتقدست أسماؤه 1
::
بارك الله فيك |
رد: الْكَبيرُ المتكبر جل جلاله وتقدست أسماؤه 1
طرح قيم جزاك الله خير الجزاء |
رد: الْكَبيرُ المتكبر جل جلاله وتقدست أسماؤه 1
|
رد: الْكَبيرُ المتكبر جل جلاله وتقدست أسماؤه 1
بارك لله بك
|
رد: الْكَبيرُ المتكبر جل جلاله وتقدست أسماؤه 1
جزاك الله خير
وكتب الله أجرك وبارك الله فيك |
رد: الْكَبيرُ المتكبر جل جلاله وتقدست أسماؤه 1
جزاك الله خير الجزاء
إنتقاء ثري بالذائقه سلمت ودام رقي ذوقك بإنتظار القادم |
| الساعة الآن 08:06 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010