منتديات أحاسيس الليل - ابن رشد الحفيد.. الفقيه والطبيب والفيلسوف ‏

[ALIGN

=center]

http://files2.fatakat.com/2011/2/12986326331126.gif

..

هو أبو الوليد، محمد بن أبي* ‬القاسم أحمد ابن شيخ المالكية أبي* ‬الوليد محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد القرطبي، كان مولده عام*‬ 520 ه الموافق *‬1126م*، عاش حتى قرب نهاية القرن السادس الهجري * (‬595 ه الموافق 8911م)، وعاصر دولتي* ‬المرابطين والموحدين، واشتهر باسم ابن رشد الحفيد وهو ينتمي* ‬إلى أسرة تعد من أعرق الأسر الأندلسية*.‬
كان جدُّه ابن رشد فقيهاً عالماً، وكان شيخ المالكية وقاضي* ‬الجماعة وإمام جامع قرطبة، كما كان من كبار مستشاري* ‬أمراء دولة المرابطين، أما والده فهو أبو القاسم أحمد بن أبي* ‬الوليد، الذي* ‬كان فقيهاً له مجلس* ‬يدرس فيه في* ‬جامع قرطبة، وله تفسير للقرآن في* ‬أسفار، وشرح ‬على سنن النسائي* ‬وتولى القضاء في* ‬قرطبة عام 532ه، بينما كان ابنه ابن رشد آنذاك في* ‬الثانية عشرة من عمره. * ترك أبو القاسم القضاء لينقطع إلى التدريس والتأليف، في* ‬الفقه والتفسير والحديث، إلى أن توفي* ‬سنة* ‬563 ه عندما كان ابنه في* ‬أوج نشاطه الفلسفي، *وقد عايش ابن رشد الحفيد في* ‬شبابه أواخر عصر دولة المرابطين، وتميز ذلك العصر بسلطة الفقهاء على الفكر والثقافة والمجتمع والسياسة*.‬
طبيب الخليفة
درس ابن رشد الحفيد في* ‬قرطبة الفقه، والطب، وعلم الطبيعة، والرياضيات، والفلسفة، حيث درس الفقه على* ‬يدي* ‬الفقيه الحافظ أبي* ‬محمد بن رزق، واستظهر كتاب «الموطأ» حفظاً للإمام مالك على* ‬يدي* ‬أبيه الفقيه أبي* ‬القاسم، ودرس أيضاً على يدي* ‬الفقيه أبي* ‬مروان عبد الملك بن مسرة، والفقيه ابن بشكوال وأبي* ‬بكر بن سمحون، وأبي* ‬جعفر بن عبد العزيز، الذي* ‬أجاز له أن* ‬يفتي* ‬في* ‬الفقه مع الفقيه أبي* ‬عبد الله المازري، كما درس الفلسفة منذ نعومة أظفاره على* ‬يد أبرز فلاسفة الأندلس، مثل أبي* ‬جعفر هارون الذي* ‬كان أول من جعله على بينة من الفلسفة والطب اليوناني، حيث أخذ عنه أول التفسيرات لفلسفة أرسطو، ولكتب أبقراط وجالينوس في* ‬الطب، وفي* ‬الفلسفة تأثر بابن باجة، كما كان صديقاً لابن طفيل*.‬
قدمه ابن طفيل لأبي* ‬يعقوب خليفة الموحدين فعيّنه طبيباً* ‬له ثم قاضياً* ‬في* ‬قرطبة، كما تولى منصب القضاء في* ‬أشبيلية، وحين استقال ابن طفيل من طبابة الخليفة اقترح اسم ابن رشد ليخلفه في* ‬منصبه، فاستدعاه الخليفة الموحدي* ‬أبو* ‬يعقوب* ‬يوسف إلى مراكش سنة 578ه وجعله طبيبه الخاص، وقرّبه منه وقضى في* ‬مراكش زهاء عشر سنوات*.‬
تهمة باطلة
أقبل ابن رشد على تفسير آثار أرسطو، تلبية لرغبة الخليفة الموحدي* ‬أبي* ‬يعقوب* ‬يوسف، وكان الخليفة أبو* ‬يعقوب* ‬يستعين بابن رشد إذا احتاج الأمر إلى القيام بمهام رسمية عديدة، ولأجلها طاف في* ‬رحلات متتابعة في* ‬مختلف أصقاع المغرب؛ فتنقَّل بين مراكش وإشبيلية وقرطبة، ثم ولاَّه منصب قاضي* ‬الجماعة في* ‬قرطبة ثم في* ‬إشبيلية، فلما مات أبو* ‬يعقوب* ‬يوسف وخلفه ابنه المنصور الموحدي* ‬زادت مكانة ابن رشد في* ‬عهده ورفعه وقرَّبه إليه، ولكن كاد له بعض المقرَّبين من الأمير، فأمر الأمير بنفيه وتلامذته إلى قرية اليسانة التي* ‬كان أغلب سكانها من اليهود، وأحرق كتبه، وأصدر منشوراً إلى المسلمين كافَّة* ‬ينهاهم عن قراءة كتب الفلسفة، أو التفكير في* ‬الاهتمام بها، وهَدَّد مَنْ* ‬يُخَالِف أمره بالعقوبة، وبقي* ‬بتلك القرية لمدة سنتين، وبعد تأكد السلطان من بطلان التهمة السياسية التي* ‬كانت وراء تلك النكبة عفا عنه واستدعاه من جديد إلى مراكش وأكرم مثواه كأحد كبار رجال الدولة*. ‬ثم إن السلطان نفسه أخذ في* ‬دراسة الفلسفة والاهتمام بها أكثر من ذي* ‬قبل*. ‬ولكن الفيلسوف لم* ‬يهنأ بهذا العفو فأصيب بمرض لم* ‬يمهله سوى سنة واحدة قضاها بمراكش حيث توفي* ‬سنة *‬595 ه/ *‬1198م، وقد دفن بها، قبل أن ينقل رفاته في* ‬وقت لاحق إلى مسقط رأسه قرطبة*.‬
بداية المجتهد
يعد ابن رشد من أهم فلاسفة الإسلام*. ‬دافع عن الفلسفة وصحح لعلماء وفلاسفة سابقين له كابن سينا والفارابي* ‬في* ‬فهم بعض نظريات أفلاطون وأرسطو، قال عنه الذهبي* ‬في* ‬«سير أعلام النبلاء*»: «‬ما ترك ابن رشد الاشتغال بالعلم منذ بلوغه سوى ليلتين*: ‬ليلة موت أبيه، وليلة عرسه، وأنه ألَّف وقيَّد نحوًا من عشرة آلاف ورقة، ومال إلى علوم الحكماء، فكانت له فيها الإمامة*».‬
كان لابن رشد نتاج* ‬غزير، وتوزعت مؤلفاته بين شروح ومصنفات فلسفية وعملية، وبين شروح ومصنفات طبية، إضافة إلى كتب فقهية وكلامية، وكتب أدبية ولغوية، لكنه اختص بشرح كل التراث الأرسطي*. ‬وقد أحصى الباحث المغربي* ‬جمال الدين العلوي * ‬108 مؤلفات لابن رشد، لم* ‬يصلنا منها بنصها العربي* ‬غير 58 مؤلفاً*.‬
في* ‬الفقه المقارن ألف ابن رشد واحداً* ‬من أهم الكتب الفقهية هو* «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» الذي يعدّ* ‬من أهم الكتب التي* ‬تتناول علم الخلاف الفقهي وقد* ‬اشتمل على بيان أسباب الاختلاف بين العلماء في* ‬كل مسألة، والكتاب على صغر حجمه حوى أمهات مسائل الفقه؛ مبيناً مواطن الوفاق والخلاف شارحاً وجوه المذاهب المختلفة، ذاكراً أقوال
لعلماء لكل مسألة من المسائل الفقهية، مع مناقشة الآراء والأدلة بلا تعصب، والكتاب* ‬يعد من أهم كتب الفقه المقارن*.‬ وله في* ‬هذا المجال أيضا كتاب* «‬مناهج الأدلة*»‬، وهو من المصنفات الفقهية والكلامية في* ‬الأصول، وكذلك كتاب* «‬الضروري* ‬في* ‬أصول الفقه أو مختصر المستصفى*»‬، وهو من أبرز المؤلفات في* ‬علم الأصول، وقد تناول فيه المؤلف الكثير من المسائل المهمة، مثل الناسخ والمنسوخ، والسنة، والإجماع، والقياس، والنص والمجمل من جهة الصيغة، والألفاظ الخاصة، والقول في* ‬دلالات الألفاظ بمفهومها، والقول في* ‬الأوامر والنواهي، والقول في* ‬الإقرار، والقول في* ‬الفعل، والقول في* ‬الاجتهاد، والقول في* ‬التقليد، والقول في* ‬ترجيح النقل، وغير ذلك من المسائل المهمة*.
التوفيق بين العقل والنقل
وفي* ‬مجال الفلسفة، ينبني* ‬فكر ابن رشد على محاولة التوفيق بين العقل والنقل، حيث ألف في* ‬هذا السياق كتابه الموسوعي* «‬فصل المقال في* ‬تقرير ما بين الحكمة والشريعة من الاتصال*»‬، وبيّن أن هذا التوفيق شيء ضروري، لأن* ‬«الحق لا* ‬يضاد الحق». تناول فيه العلاقة بين الشريعة من جهة والفلسفة أو ما* ‬يطلق عليها ابن رشد* «‬الحكمة» من جهة أخرى، والتصدي* ‬لهذه المسألة في* ‬ذلك العصر بالذات كانت له أسبابه التي* ‬دعت إليه حيث انتشرت في* ‬المشرق العربي* ‬دعوات تتهم الفلسفة والمنشغلين بها بالزندقة والكفر*.‬
وردّ ابن رشد على الغزالي* ‬صاحب كتاب* ‬«تهافت الفلاسفة» بكتاب* ‬يحمل عنوان* «تهافت التهافت»، انتصر فيه ابن رشد للفلسفة، كما ألف ابن رشد كتاباً* ‬في* ‬الطب هو* ‬«الكليات» استند فيه إلى ما أخذه عن* ‬«أرسطو» و«جالينوس» في* ‬علم الأعضاء، والعلاج والصحة والألم وهو الكتاب الذي* ‬ظلت الجامعات الأوروبية تدرّسه حتى نهايات القرن السادس عشر، وذلك لقيمته الخاصة*.‬