لم يعُد في جعبتنا شيء يدعو للحياة سوى تلك اللحظات البسيطة التي سرقناها من جيوب الأيام ، ضحكات باتت لا تشبه ضحكات ، الشوارع ارتدت أثواب الحداد ، العصافير هاجرت تبحث عن الدفء والأمان ، حتى الأطفال ما عادوا أبرياء ، كأنّ الزمان باتَ غريباً ، البكاء في كل مكان ، حياتنا أصبحت وداع دون لقاء ، الحزن سادَ في الأجواء ، لا سلام وطمأنينة ، عالمنا يغرق في خوف وإضطراب ونحن نعوم على السطح ، رغم ما فيه لازلنا نتشبّثُ بالحياة..

هناك أشياء لا يحق لأحد العبث فيها ، لأنّ الصفح بعدها يصبح شيئاً شبيهاً بالأعجوبة الثامنة في زمن إنتهت فيه العجائب ، أن تعبث بقلب أحدهم وتوقعه في شباك حبك ثم تنسحب من حياته كاللص ، وتترك في قلبه غصة الوثوق بحب لا يستحق ، لو ركعتَ على قلبك طالباً الصفح لن تنال شرف المحاولة حتى ، لأنك لم تضرب كتفه بالغلط ، لم تحرمهُ من مشاهدة آخر لقطة من فيلمه المفضل ، لم تتخلف عن لقاء انتظركَ فيه على أحَر من الجمر ولم تُتلف قلادة كان متعلّقاً بها ، أنت كسرتَ بداخله ما لا يمكن جبرهُ ، أطفأتَ داخلهُ نورهُ الذي كان يُشِع منه ، أحرقتَ داخله شعلة الحب التي كان يحبك بها ، إنتهَكتَ حرمة ثقة كان يخصك بها ، لذا إن حدث وعبثتَ بمشاعر أحدهم لا تفكر في العودة ، لأنه حتماً ستكون عودته لك الأعجوبة التاسعة بعدَ استحالة الصفح.

كلُّ الجِراحِ ستُنسَى حِينَ تلتئمُ

إلّا الجِراح التي يَأتِي بهَا الكَلِمُ

جُرحُ اللِّسانِ شَديدٌ فِي مَرارتهِ

يزدادُ سُمًّا إذا مَا خَطَّهُ القَلمُ

فَاجعلْ لسَانكَ فِي غِمدٍ ليحفظَهُ

لا يجـرحنَّ فـؤادًا لـيسَ يَـلتَئمُ

نسألك ياالله أن تهِبُنا الطمأنينة في نهاية كل سعي مهما كانت النتيجة ، يارب لا تجعل خوفنا وحزننا وكُسرنا يأتونَ من حيث إطمأنّت قلوبنا ، وبارِك لنا في كل الطرق التي نسلكها والقلوب التي نحبها والأحلام التي راهَنّا عليها.


****************************************