![]() |
كوثر الإسلام وماعون الكافرون
كوثر الإسلام وماعون الكافرون
كوثر الإسلام وماعون الكافرون لم يكن هذا الترتيب لسور القرآن الأربع (قريش ثم الماعون ثم الكوثر ثم الكافرون) مجرد مصادفة عابرة، بل هو منهج في تحصيل الأمن والأرزاق في المجتمعات. بنظرة سريعة إلى سورة قريش نجد أنها تتحدَّث عن ركيزتي الحياة الأساسيتين، وهما: القوت والأمن، قال تعالى: ﴿ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ [قريش: 4]. وفي مقارنة سريعة بين سورتي الماعون والكوثر، نجد أن سورة الماعون تحدَّثت عن صفات المنافقين الأربع على النحو الآتي: الأولى: البخل، قال تعالى: ﴿ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾ [الماعون: 2، 3]، وهذه الصفة جاءت صريحة في سورة التوبة؛ قال تعالى: ﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [التوبة: 67]. الثانية: ترك الصلاة، قال تعالى: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ [الماعون: 4، 5]، وهذه الصفة جاءت صريحة في سورة التوبة؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 142]. الثالثة: الرياء وعدم الإخلاص لله تعالى، قال الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ ﴾ [الماعون: 6]، وهذه الصفة جاءت صريحة في آية النساء: ﴿ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 142]. الرابعة: منع الخير ولو كان قليلًا، قال تعالى: ﴿ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴾ [الماعون: 7]، يقول عبد الله بن مسعود: "كُنَّا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَتَحَدَّثُ أَنَّ الْمَاعُونَ: الدَّلْوُ، وَالْفَأْسُ، وَالْقِدْرُ، لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُنَّ"؛ (ينظر: ابن كثير، 8 /496). ويُفهَم من هذا أن الماعون هو الأشياء البسيطة التي يتعاطاها الناس ويستعيرها بعضُهم من بعض، وهذا يشير إلى القلة، فهم يمنعون القليل من الخير عن غيرهم. جميع هذه الصفات الأربعة المذمومة، أمر الله بنقيضها في سورة الكوثر، وكأن الله يأمر محمدًا صلى الله عليه وسلم والمسلمين: لئن كان المنافقون يتمتعون بصفة البخل، فأيها المسلم ﴿ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]، لئن كان المنافقون تاركين للصلاة، فأنت أيها المسلم ﴿ فَصَلِّ ﴾ [الكوثر: 2]، لئن كان المنافقون مرائين غير مخلصين، فأنت أيها المسلم ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ ﴾ [الكوثر: 2] لا لغيره، لئن كان المنافقون يمنعون الخير ولو كان قليلًا، فــ ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴾ [الكوثر: 1] فكن كوثرًا في العطاء. وإنه لحريٌّ بمن اتَّصَف بهذه الصفات العظيمة أن يتبرَّأ من الكفر وأهله ومنهاجه، فجاءت بعدها سورة الكافرون لإعلان البراءة منهم، قال تعالى: ﴿ قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴾ [الكافرون: 1 - 6]. فإن قيل: سورة قريش تتحدَّث عن نعمتين هما ركيزتا الحياة: القوت والأمن، وسورة الماعون تتحدَّث عن صفات المنافقين التي مَنْ تحلَّى بها قلَّ قوتُه وأمنُه، وسورة الكوثر تتحدَّث عن صفات المؤمنين التي مَنْ تحلَّى بها كثُر رزقُه وأمْنُه، فما علاقة سورة الكافرون والبراءة من الكفر بالأرزاق والأمن؟! فقل: لأن الكفر عامل أساسي في انعدام الأقوات والأمان؛ قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82]، والظلم في الآية فُسِّر في آية أخرى بأنه الشرك والكفر في وصية لقمان لابنه، قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13]. وأيضًا، فإن المسلم يعلن البراءة من مِلَّة الكفار الذين هم مستعدون للتنازل عن عقيدتهم مقابل الحصول على الأمن، ظانِّين أن اتِّباع الهدى والإيمان يمحق الأمن والأمان، فقد اعترف كُفَّار قريش لمحمد عليه الصلاة والسلام أن الإسلام دين الهدى، لكنهم يخشون من اتباعه أن يتخطفهم الناس فيفقدون الاستقرار والخير اللذين يعيشون فيهما، ولا يعلمون أن الذي جعل مكة آمنة مطمئنة، وقدر فيها الأرزاق والخير الوفير هو الله! قال تعالى: ﴿ وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [القصص: 57]، فإذا كانوا كذلك فلا نعبد ما يعبدون، ولهم دينهم ولنا دين؛ وبذلك يأتي نصر الله والفتح. |
رد: كوثر الإسلام وماعون الكافرون
جزاك الله خير
وبارك الله فيك وجعله بموازين حسناتك |
رد: كوثر الإسلام وماعون الكافرون
جزاك الله خير …
|
رد: كوثر الإسلام وماعون الكافرون
جزاك الله خير
وجعله في ميزان حسناتك .. |
رد: كوثر الإسلام وماعون الكافرون
جزاك الله خيرا ولاحرمك الأجر بوركت وطرحك الطيب |
رد: كوثر الإسلام وماعون الكافرون
_
، جَزَاكَ اَللَّهُ خَيْر . . . وَأَحْسَنَ إِلَيْكَ فِيمَا قَدَّمَتْ دُمْتُ بِرِضَى اَللَّهِ وَإِحْسَانِهِ وَفَضْلِهِ ~ |
رد: كوثر الإسلام وماعون الكافرون
جزاك الله خير الله يعطيك العافية
|
رد: كوثر الإسلام وماعون الكافرون
جزاك الله خيرا ولاحرمك الاجر
بوركت وطرحك الطيب |
رد: كوثر الإسلام وماعون الكافرون
بآرك الله فيك على جمآل هذا الطرح
وروعة هذه الفرآئد والفوآئد جزآك الله خيراً و كتبها الله في موآزين حسنآتك |
رد: كوثر الإسلام وماعون الكافرون
،
طرح رائع شكرا لهذا التميز ودام تواجدك يعطر صفحاتنا بكل خير لاعدمناك ، |
رد: كوثر الإسلام وماعون الكافرون
طرح قيم
جزاك الله خير الجزاء |
الساعة الآن 02:01 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas