تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تفسير قوله تعالى ﴿ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾


فرح
17-Jan-2022, 05:20 PM
قال الله تعالى:
﴿ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾.
[البقرة: 32]
بهذا أجاب الملائكة عن قوله تعالى: ﴿ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [البقرة: 31]، فنزَّهوا الله عز وجل
وأقَرُّوا واعترفوا بالعجز والجهل، وأنه لا علم لهم إلا ما علَّمهم الله العليم الحكيم، وأن آدم أعلمُ منهم.
وقولهم: ﴿ سُبْحَانَكَ ﴾؛ أي: نُنزِّهك عما لا يليق بك، وأن نقول ما لا نعلم.
﴿ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ﴾ "لا": نافية للجنس، و﴿عِلْمَ ﴾ اسم "لا" مبني على الفتح في محل نصب، وهي نكرة
في سياق النفي فتعُم أيَّ علم مهما قلَّ؛ مِن علم أسماء ما ذكر، أو من علمِ أمر الخليفة، أو غير ذلك.
"إلا" أداة حصر، و"ما" موصولة؛ أي: الذي علَّمتَنا.
أي: لا علم لنا بأي شيء إلا الذي علَّمتَنا، كما قال تعالى: ﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ﴾ [البقرة: 255].
﴿ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ تفويض من الملائكة أنه عز وجل وحده العليم الحكيم، وتأكيد وتعليل لقولهم: ﴿لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ﴾.
﴿ أَنْتَ ﴾ ضمير منفصل يفيد التوكيد والحصر؛ أي: إنك أنت وحدك العليم الحكيم.
و﴿ الْعَلِيمُ ﴾ اسم من أسماء الله عز وجل مشتق من العلم يدل على إثبات صفة العلم الواسع لله عز وجل المحيط بكل شيء، كما قال تعالى:
﴿ وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الأنعام: 80]، وقال تعالى: ﴿ وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الأعراف: 89]، وقال تعالى: ﴿ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ [طه: 98].
فهو عز وجل ذو العلم الواسع، الذي أحاط بالأشياء كلِّها في أطوارها الثلاثة: قبل الوجود، وبعد الوجود
وبعد العدم، يعلم ما كان، وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون، قال موسى عليه السلام لما سئل:
﴿ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى ﴾ [طه: 51]؟ قال: ﴿ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى ﴾ [طه: 52].
والعلم في الأصل إدراكُ الأشياء على ما هي عليه حقيقة إدراكًا جازمًا، فمن قال:
عدد سور القرآن مائة وأربع عشرة سورة، فهو عالم، يدري ويدري أنه يدري.
ومن قال: لا أدري، فهو جاهل جهلًا بسيطًا، لا يدري ويدري أنه لا يدري.
ومن قال: بل هي مائة وعشرون سورة، فهذا جاهل جهلًا مركًبا، لا يدري ولا يدري أنه لا يدري.
و﴿ الْحَكِيمُ ﴾ اسم من أسماء الله عز وجل مشتقٌّ من الحكم والحكمة، يدل على أنه عز وجل ذو الحكم التام بأقسامه الثلاثة:
الحكم الكوني،كما قال تعالى فيما حكاه عن أحد إخوة يوسف أنه قال:
﴿ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾ [يوسف: 80].
والحكم الشرعي، كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة: 50]
وقال تعالى: ﴿ ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ﴾ [الممتحنة: 10].
والحكم الجزائي للناس على قدر أعمالهم خيرِها وشرِّها، كما قال تعالى:
﴿ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ ﴾ [غافر: 48]؛ أي: بحكمه الجزائي.
فهو عز وجل الحَكَمُ وإليه الحُكمُ، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله هو الحَكَمُ وإليه الحُكمُ))[1].
وذو الحكمة البالغة بقسميها: الحكمة الغائية، والحكمة الصورية، فيما خلَقَ وقدَّر، وشرع وجازى به عباده.
فكل حُكمٍ من أفراد الأحكام الكونية أو الشرعية أو الجزائية له حكمتان: حكمة غائية وهي الغاية منه
وحكمة صورية، وهي الحكمة من مجيئه على صورة معيَّنة.
فهو عز وجل الحكيم، الحاكم المحكم في خلقه وقدره وشرعه، وفي تعليم من شاء دون من شاء.
وباجتماع العلم الواسع، والحكم التام، والحكمة البالغة في حقِّه عز وجل، يزداد كماله إلى كمال.

مسگ
17-Jan-2022, 05:32 PM
جزاااك الله خير ..

ورد الياسمين
17-Jan-2022, 07:59 PM
بارك الله فيك
و جزاك الخير

حسن سعد
17-Jan-2022, 09:23 PM
بارك الله فيك
وجعل ما تقدمه من موضوعات
في ميزان حسناتك
ويجمعنا بك والمسلمين في جنات النعيم
دمت بخير .. اللهم آمين

غَيْم..!
17-Jan-2022, 09:44 PM
جزاك الله خير
وجعله في ميزان حسناتك ..

فرح
17-Jan-2022, 11:24 PM
شكرا من القلب
انرتم صفحتي لاخلا ولاعدم

عزف منفرد
18-Jan-2022, 01:15 AM
..


بوركتِ


وجعله الله شاهدا لكِ يوم القيامه


مودتى



\\

متعب
18-Jan-2022, 02:04 AM
جزاك الله خير ، وبارك الله فيك
وجعلها في موازين حسناتك
وأثابك الله الجنه أن شاء الله
تحياتي وتقديري

الموج..!
18-Jan-2022, 10:53 AM
جزاك الله خير ..
وجعله في ميزان حسنااتك..

وطن عمري
18-Jan-2022, 02:50 PM
مكنون جميل .. وانتقاء أجمل
جعله الله في ميزان حسناتك
سلم الجهد ولك الشكر أرتال

فرح
19-Jan-2022, 04:06 PM
شكرا من القلب
انرتم صفحتي لاخلا ولاعدم

عشق
22-Jan-2022, 09:08 PM
.
.

بآرك الله فيك على جمآل هذا الطرح
وروعة هذه الفرآئد والفوآئد
جزآك الله خيراً
و كتبها الله في موآزين حسنآتك

حـُـلم
13-Nov-2023, 04:50 PM
طرح قيم
جزاك الله خير الجزاء

زهرة الشمس
11-Nov-2024, 05:14 AM
جزاك الله خيـر
وبارك الله في جهودك
و جعلت ما قدمته
في موازين الحسنات
تحياتي لك