نور
23-Oct-2021, 04:27 AM
الحياء الذي يكبت الشوق
الحياء الذي يكبت الشوق
ذكريات الطفولة بين أخيك وبينك / حسكما فجأة بالرجولة / هذا الحياء الذي يكبت الشوق حين تعانقه . ( أمل دنقل ) . 0 تأمل بشيئ من العناية عبارة ( هذا الحياء الذي يكبت الشوق ) ، و الحياء من القيم الرفيعة ، ما لم يتضخم ويستحيل حالة وسواسية مرضية حتى يهدد الموافق الإيجابية ، ويحول دون التعبير عن الإعجاب ، والإشادة ، ونحن أهل حياء سالب .( بالدارجي الفصيح كدا خجولين وبنختشي ) . 0 بينما كنت أنتظر بص الوالي السابق ، وهذه الإشارة حتى لا أتهم بالترصد لإثارة الشكوك حول الوالي الحالي ، إذ أن البص وقد أكل الدهر عليه وشرب ، فيجب أن ينسب لتاريخه ، حتى لايتجرأ الذي في قلبه مرض ، بالحديث عن الفساد ، فقد مللنا السيرة ، لاحظت على مقربة مني فتى في العشرين من عمره قد أوقف ( ركشة ) وسرعان ما صرفها ، وإنخرط في بكاء حيرني ، فسألته ما الذي يبكيه ، حاول أن يكفكف دمعه حياءً ، منكرا البكاء لكنه تحت إلحاحي أجابني بأنه قد فوجئ بأن سائق الركشة كان أستاذه في مرحلة الأساس ، أمة بهذا الإحساس يجب ألا يكبت الحياء دمعها النبيل . 0 لكنه المورث الذي يشوه وجداننا ويدفعنا دفعا للتنازل عن أشياء بالغة النبل ، فتأمل عزيزي القارئ هذه المقولات ( شكارتا دلاكاتا ، القرد في عين أمه غزال ، عفوا وهل ترضى أم القرد أن تراه غزالا ، لا علينا ، كل زول عاجبو الصارو ، شهادتي في فلان مجروحة ، لا أريد أن أقصم ظهره ، الشكروه قدامو نبذوه ، شادي الحي لا يطرب ، الطشاش في بلد العمي شوف ) ، هذا جزء من تراث ألم به سقم ، وترادفت نصاله بعضها فوق بعض ، ورمت جروحه على فساد ، فتبين في ذلك إهمال الطبيب . الطبيب كامل العدة والعتاد الآمن في سربه لم يتقدم بمظلمة ولم يشكو شح الإمكانات ، لذا لم يعلن إضرابه ولو فعلها لأدناه . 0 كل تلك المقولات تحرضنا على أن نغمط حق من أجادوا ، وأن نقف منهم موقف المتفرج في سلبية أقرب للتخذيل ، حتى ظننا أن المدح مذمة فأسمينا نصيبا منه ( كسير تلج ) . تندي الوجوه عرقا إذا ما كال أحدهم لنا مدحا ، ولو كنا من ذوي البشرة البيضاء لإحمرت الخدود . أكثر من سبب يمنعني أن أقول تحمر الخدود ، وإن قالها المبدع خليل فرح ـــ الذي سبق زمانه وخرج من عباءة المرأة وما تخفي من مفاتن ـــ وأعتلى ربوة غزل مغايرحين شدا ( صبغ الخدين حمرة ) وهو المقطع الوحيد الذي تحفظت فيه من جملة ما كتب الخليل . 0 بهذه مناسبة أستميحكم عذرا لأنادي ، سيداتي ، آنساتي ، وبكل أسف بعض سادتي أوقفوا محاولات إكتساب البشرة البيضاء ، واتمسك بموقفي ضد ما يسمى بالفسخ . 0 دخلت اإحدى الصيدليات المترفة من اللائي تلوذ بها وتهوي إليها الأفئدة وقد أعياها البحث عن دواء بعينه وكثيرا ما يعييها لتجد ضالتك بعد أن تتكبد جشعا بينا ، فإذا بفتاة بارعة الجمال كما يقولون ، سمراء أو ( خدراء ) ممن يمكن وصف سمرتهن ( بالخدرة الباردة ) وهو تعبير نفاذ ، وقد أعجبني رغم أني لا أعرف كيف تكون الخدرة باردة ، أو لعلها تمت بصلة لتلك التي غنى لها العملاق الراحل مصطفى ( سمحة وسمرية ومحبوبتي لفتاتا غزالة ) ظلت الفتاة تطلب من صنوفا من الكريمات ، سآءلتها ولم كل ذلك وأنت بهذا اللون الجميل ، وكان الرد مفحما إذ قالت لي ( يا عم المنقة الصفراء بعملوها عصير وبكسرو ليها تلج والمنقة الخدرة بياكلوها بالشطة ) . 0 شهادة ميلاد مواهبنا تصدر من خارج الحدود يظل المبدع عندنا مغمورا ما لم ياتينا على على أكتاف الغير ، الطيب صالح لم يتشكل عبقريا خالدا إلا بإشادات العرب واعترافهم بنبوغه وتفوقه ولم تعلق رواياته على أستار الوجدان إلى أن نفض عنها الناقد ( رجاء النقاش) غبار سنوات ، العلامة د. عبد الله الطيب سمق بشهادة طه حسين وأشرق كتابه المرشد لفهم أشعار العرب بعد أجازته بالقاهرة فهللنا للنبوغ . حتى ( بركة ساكن ) ظل يبحث عن مؤطي قدم بين مبدعينا ولم نعره إلتفاته حتى حملته إلينا المهرجانات وكللته الجوائز بألق وبريق ما كان له أن ينالهما . وقد أطلنا النظر لنصف الكوب الفارغ والتركيز على بضع أسطر نظن بها الظنون . ونظل على حالنا نجتهد أن نحيل الشربات فسيخا . 0 وكما نضرب الأمثال دوما ( في مصر القريبة دي ) غيرنا يصنعون عكس ما نفعل (يدلكون ويشكرون ) ويهدهدون القردة و كأنما يحنون على ريم أدعج( وما حدش يقول تلت التلاتة كام ) هناك يبحثون عن الجوانب الإيجابية لكل من يبذل جهدا، ويجدون العذر والتبرير لكل تجربة فطيرة ، ويلاحقونها بالتوجيه والتقويم ولا يحكمون بالفشل النهائي على محاولة مهما تضاءلت . يحتفون بمغن مثل شعبان عبد الرحيم وينصبوه لسان حال الشريحة العظمى والأغلبية الصامتة ،يهللون لمغنييهم ولا يتعجلون الحكم عليهم سلبا ، ولا يصفونهم بالهبوط ، يجيدون عبارات المجاملة والثناء ، تزخر قواميسهم بكلمات التشجيع الجزلة ، ونحن على النقيض نرى في ماضينا كل الجمال لاغناء عندنا يستحق منافسة الحقيبة ولا شاعر يمكنه مزاحمة التيجاني وجماع لا نمتدح إلا من غادر الخشبة ، ولا نكرم المبدعين بقدر ما نترحم عليهم ونكرم أسرهم بشهادات أنيقة ووشاحات حريرية لا تسمن ولا تغني من جوع . 0 علينا أن نغير منهجنا في تعاطينا مع ما حولنا ، كلمة التشجيع أقوى أثرا وأقدر على شحذ الهمم ، أجيالنا المعاصرة ذكية ذكاء ( الميديا ) قادرة على فعل الكثير، إن نحن أخرجنا من كنانتنا اللغوية معاني مثل أحسنت ، وأجاد وكتر خيرك . وقد آليت على نفسي ألا أغمط نجاحا وأن أبدي إستحساني ما استطعت ، وأن يكون منهجني أعجبني أولا ثم أعجبني ثانيا ثم لم يعجبني أخيرا وأخيرا جدا .
الحياء الذي يكبت الشوق
ذكريات الطفولة بين أخيك وبينك / حسكما فجأة بالرجولة / هذا الحياء الذي يكبت الشوق حين تعانقه . ( أمل دنقل ) . 0 تأمل بشيئ من العناية عبارة ( هذا الحياء الذي يكبت الشوق ) ، و الحياء من القيم الرفيعة ، ما لم يتضخم ويستحيل حالة وسواسية مرضية حتى يهدد الموافق الإيجابية ، ويحول دون التعبير عن الإعجاب ، والإشادة ، ونحن أهل حياء سالب .( بالدارجي الفصيح كدا خجولين وبنختشي ) . 0 بينما كنت أنتظر بص الوالي السابق ، وهذه الإشارة حتى لا أتهم بالترصد لإثارة الشكوك حول الوالي الحالي ، إذ أن البص وقد أكل الدهر عليه وشرب ، فيجب أن ينسب لتاريخه ، حتى لايتجرأ الذي في قلبه مرض ، بالحديث عن الفساد ، فقد مللنا السيرة ، لاحظت على مقربة مني فتى في العشرين من عمره قد أوقف ( ركشة ) وسرعان ما صرفها ، وإنخرط في بكاء حيرني ، فسألته ما الذي يبكيه ، حاول أن يكفكف دمعه حياءً ، منكرا البكاء لكنه تحت إلحاحي أجابني بأنه قد فوجئ بأن سائق الركشة كان أستاذه في مرحلة الأساس ، أمة بهذا الإحساس يجب ألا يكبت الحياء دمعها النبيل . 0 لكنه المورث الذي يشوه وجداننا ويدفعنا دفعا للتنازل عن أشياء بالغة النبل ، فتأمل عزيزي القارئ هذه المقولات ( شكارتا دلاكاتا ، القرد في عين أمه غزال ، عفوا وهل ترضى أم القرد أن تراه غزالا ، لا علينا ، كل زول عاجبو الصارو ، شهادتي في فلان مجروحة ، لا أريد أن أقصم ظهره ، الشكروه قدامو نبذوه ، شادي الحي لا يطرب ، الطشاش في بلد العمي شوف ) ، هذا جزء من تراث ألم به سقم ، وترادفت نصاله بعضها فوق بعض ، ورمت جروحه على فساد ، فتبين في ذلك إهمال الطبيب . الطبيب كامل العدة والعتاد الآمن في سربه لم يتقدم بمظلمة ولم يشكو شح الإمكانات ، لذا لم يعلن إضرابه ولو فعلها لأدناه . 0 كل تلك المقولات تحرضنا على أن نغمط حق من أجادوا ، وأن نقف منهم موقف المتفرج في سلبية أقرب للتخذيل ، حتى ظننا أن المدح مذمة فأسمينا نصيبا منه ( كسير تلج ) . تندي الوجوه عرقا إذا ما كال أحدهم لنا مدحا ، ولو كنا من ذوي البشرة البيضاء لإحمرت الخدود . أكثر من سبب يمنعني أن أقول تحمر الخدود ، وإن قالها المبدع خليل فرح ـــ الذي سبق زمانه وخرج من عباءة المرأة وما تخفي من مفاتن ـــ وأعتلى ربوة غزل مغايرحين شدا ( صبغ الخدين حمرة ) وهو المقطع الوحيد الذي تحفظت فيه من جملة ما كتب الخليل . 0 بهذه مناسبة أستميحكم عذرا لأنادي ، سيداتي ، آنساتي ، وبكل أسف بعض سادتي أوقفوا محاولات إكتساب البشرة البيضاء ، واتمسك بموقفي ضد ما يسمى بالفسخ . 0 دخلت اإحدى الصيدليات المترفة من اللائي تلوذ بها وتهوي إليها الأفئدة وقد أعياها البحث عن دواء بعينه وكثيرا ما يعييها لتجد ضالتك بعد أن تتكبد جشعا بينا ، فإذا بفتاة بارعة الجمال كما يقولون ، سمراء أو ( خدراء ) ممن يمكن وصف سمرتهن ( بالخدرة الباردة ) وهو تعبير نفاذ ، وقد أعجبني رغم أني لا أعرف كيف تكون الخدرة باردة ، أو لعلها تمت بصلة لتلك التي غنى لها العملاق الراحل مصطفى ( سمحة وسمرية ومحبوبتي لفتاتا غزالة ) ظلت الفتاة تطلب من صنوفا من الكريمات ، سآءلتها ولم كل ذلك وأنت بهذا اللون الجميل ، وكان الرد مفحما إذ قالت لي ( يا عم المنقة الصفراء بعملوها عصير وبكسرو ليها تلج والمنقة الخدرة بياكلوها بالشطة ) . 0 شهادة ميلاد مواهبنا تصدر من خارج الحدود يظل المبدع عندنا مغمورا ما لم ياتينا على على أكتاف الغير ، الطيب صالح لم يتشكل عبقريا خالدا إلا بإشادات العرب واعترافهم بنبوغه وتفوقه ولم تعلق رواياته على أستار الوجدان إلى أن نفض عنها الناقد ( رجاء النقاش) غبار سنوات ، العلامة د. عبد الله الطيب سمق بشهادة طه حسين وأشرق كتابه المرشد لفهم أشعار العرب بعد أجازته بالقاهرة فهللنا للنبوغ . حتى ( بركة ساكن ) ظل يبحث عن مؤطي قدم بين مبدعينا ولم نعره إلتفاته حتى حملته إلينا المهرجانات وكللته الجوائز بألق وبريق ما كان له أن ينالهما . وقد أطلنا النظر لنصف الكوب الفارغ والتركيز على بضع أسطر نظن بها الظنون . ونظل على حالنا نجتهد أن نحيل الشربات فسيخا . 0 وكما نضرب الأمثال دوما ( في مصر القريبة دي ) غيرنا يصنعون عكس ما نفعل (يدلكون ويشكرون ) ويهدهدون القردة و كأنما يحنون على ريم أدعج( وما حدش يقول تلت التلاتة كام ) هناك يبحثون عن الجوانب الإيجابية لكل من يبذل جهدا، ويجدون العذر والتبرير لكل تجربة فطيرة ، ويلاحقونها بالتوجيه والتقويم ولا يحكمون بالفشل النهائي على محاولة مهما تضاءلت . يحتفون بمغن مثل شعبان عبد الرحيم وينصبوه لسان حال الشريحة العظمى والأغلبية الصامتة ،يهللون لمغنييهم ولا يتعجلون الحكم عليهم سلبا ، ولا يصفونهم بالهبوط ، يجيدون عبارات المجاملة والثناء ، تزخر قواميسهم بكلمات التشجيع الجزلة ، ونحن على النقيض نرى في ماضينا كل الجمال لاغناء عندنا يستحق منافسة الحقيبة ولا شاعر يمكنه مزاحمة التيجاني وجماع لا نمتدح إلا من غادر الخشبة ، ولا نكرم المبدعين بقدر ما نترحم عليهم ونكرم أسرهم بشهادات أنيقة ووشاحات حريرية لا تسمن ولا تغني من جوع . 0 علينا أن نغير منهجنا في تعاطينا مع ما حولنا ، كلمة التشجيع أقوى أثرا وأقدر على شحذ الهمم ، أجيالنا المعاصرة ذكية ذكاء ( الميديا ) قادرة على فعل الكثير، إن نحن أخرجنا من كنانتنا اللغوية معاني مثل أحسنت ، وأجاد وكتر خيرك . وقد آليت على نفسي ألا أغمط نجاحا وأن أبدي إستحساني ما استطعت ، وأن يكون منهجني أعجبني أولا ثم أعجبني ثانيا ثم لم يعجبني أخيرا وأخيرا جدا .