سلطان الزين
10-Jul-2025, 11:28 PM
قبسات من الإعجاز البياني للقرآن (2)
قاسم عاشور
قبسات من الإعجاز البياني للقرآن (2)
التناسب في المعنى:
س 405: قال تعالى: ﴿ إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى ﴾ [طه: 118، 119]، كيف قابل الجوع بالعري، والظمأ بالضحى؟
ج 405: يقول ابن القيم في فوائده: الداخل إلى بلد المعنى يرى هذا الكلام في أعلى الفصاحة والجلالة؛ لأن الجوع ألم الباطن، والعري ألم الظاهر، فهما متناسبان في المعنى، وكذلك الظمأ مع الضحى؛ لأن الظمأ موجب لحرارة الباطن، والضحى موجب لحرارة الظاهر؛ فاقتضت الآية نفي جميع الآفات ظاهرًا وباطنًا؛ [الفوائد لابن القيم].
أفلا تبصرون:
س 406: قال تعالى: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَدًا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ ﴾ [القصص: 72]، لماذا قال: ﴿ أَفَلا تُبْصِرُونَ ﴾ ولم يقل: أفلا تسمعون؟
ج 406: لأنه لما أضاف جعل النهار سرمدًا إليه صار النهار كأنه سرمد، وهو ظرف مضيء تنوّر فيه الأبصار، وأضاف الإتيان بالليل إلى غيره، وغيره ليس بفاعل على الحقيقة، فصار الليل كأنه معدوم؛ إذ نسب وجوده إلى غير موجد، والنهار كأنه موجود سواه؛ إذ جعل وجوده سرمدًا منسوبًا إليه، فاقتضت البلاغة أن يقول: ﴿ أَفَلا تُبْصِرُونَ ﴾؛ إذ الظرف مضيء صالح للإبصار، وهذا من دقيق المناسبة المعنوية؛ [البرهان للزركشي 1/ 82].
أفلا تسمعون:
س 407: قال تعالى: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ ﴾ [القصص: 71]، لماذا قال: ﴿ أَفَلا تَسْمَعُونَ ﴾ ولم يقل: ﴿ أَفَلا تُبْصِرُونَ ﴾؟
ج 407: اقتضت البلاغة أن يقول: ﴿ أَفَلا تَسْمَعُونَ ﴾ لمناسبة ما بين السماع والظرف الليلي الذي يصلح للاستماع، ولا يصلح للإبصار؛ [البرهان للزركشي 1/ 82].
عن صلاتهم ساهون:
س 408: قال تعالى: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ ﴾ [الماعون: 4، 5]، لماذا قال: ﴿ عَنْ صَلاتِهِمْ ﴾ ولم يقل: في صلاتهم؟
ج 408: قال بعض السلف: الحمد لله الذي قال: ﴿ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ ﴾ ولم يقل: في صلاتهم؛ لأنه لو قال: في صلاتهم، لكانت في المؤمنين، والمؤمن قد يسهو في صلاته، ولكنه أراد بهم المنافقين؛ لأنهم يؤخرون الصلاة عن وقتها، وهذا هو السرُّ في التعبير بـ "عَنْ"؛ [مختصر تفسير الطبري].
أعرابي سجد لفصاحة كلام الله تعالى:
س 409: جاء في الإتقان للسيوطي أنَّ أعرابيًّا لما سمع هذه الآية... وذكرها، سجد وقال: سجدت لفصاحة هذا الكلام. فما هي الآية الكريمة التي هزَّت الأعرابي، فسجد لفصاحتها؟
ج 409: قوله تعالى: ﴿ فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الحجر: 94]؛ [الإتقان للسيوطي].
تكرار [أو]:
س 410: في آيتين كريمتين من آيات القرآن الكريم تكرر حرف العطف أو إحدى عشرة مرة في كل من الآيتين الكريمتين، ولم تكن غرابة ولا تنافر ولا تكرار للمعاني، وهذا من إعجاز القرآن البياني، فما هي السورة، وما الآيتان اللتان ورد فيهما التكرار؟
ج 410: سورة النور، والآيتان هما: الآية رقم 31، والآية رقم 61؛ إذ تكرر حرف العطف أو في كل من الآيتين إحدى عشرة مرة.
لولا:
س 411: في إحدى سور القرآن الكريم تكررت كلمة لولا سبع مرات في سبع آيات، ولم تكن غرابة، ولا تنافر، ولا تكرار للمعاني، وهذا من إعجاز القرآن البياني، فما هي السورة، وما هي الآيات؟
ج 411: سورة النور، والآيات هي: 10، 12، 13، 14، 16، 20، 21.
جميع عيوب الخمر:
س 412: في آية موجزة بليغة وصف الله تعالى خمر أهل الجنة وصفًا جمع فيه جميع عيوب الخمر في الدنيا من الصداع وذهاب العقل ونفاد المال، وأنَّ أهل الجنة لا يصيبهم ذلك أبدًا، فما هي هذه الآية الكريمة؟
ج 412: قوله تعالى: ﴿ لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ ﴾ [الواقعة: 19].
حصونهم ثم بيوتهم:
س 413: قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ ﴾ [الحشر: 2]، لماذا عدل القرآن عن كلمة حصون إلى كلمة بيوت؟ وما الذي تغير في هذه الحصون حتى صارت بيوتًا؟
ج 413: إنها هي لم يتغير شيء في حجارتها ولا بنيانها، ولكن التي تغيرت هي إرادة وعزيمة وثبات الذين بداخلها، إنَّ نظرة اليهود لحصونهم هي التي تغيرت، نتيجة الرعب الذي ملأ قلوبهم، لقد سيطر الجبن عليهم وتمكَّن من قلوبهم، فما عادوا يعتمدون على حصونهم، ولا يركنون إليها، إنها الآن نتيجة للجبن والرعب ليست إلا بيوتًا عادية.
كلما:
س 414: قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ* أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ* وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللَّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 99 - 101]، والسؤال: ما سرُّ اختيار كلمة "كلما" في سياق الآيات؟
ج 414: كلمة "كلما" تدل على أنَّ نقض العهد عملية متكررة عند اليهود، فكل عهد يعقدونه يقومون بنقضه، مهما كان الطرف الآخر الذي عقدوا معه؛ لأن "كلما" حرف يفيد التكرار والاستمرار، ويدل على تحقيق وتوفر وجود جوابها عند وجود شرطها- كلما حرف شرط، وفعلها في الآية ﴿ عاهَدُوا عَهْدًا ﴾- فيتكرر وجود الجواب بتكرار وجود الفعل.
والعجيب في الآية: أنها تدلنا على خبث ومكر اليهود في نقض العهود، فعندما يعقدون عهدًا لا يقومون جميعًا بنقضه؛ وإنما ينقضه فريق منهم، والآخرون قد يتبرءون من هذا الفريق الناقض، وقد يعلنون معارضتهم لفعله، مع أنهم هم الذين رتبوا الأدوار، وأوحوا للناقض بذلك. إنه مكر يهودي حاقد واضح في تاريخ اليهود.
فاجتنبوه:
س 415: قال تعالى: ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 90]، لماذا عبَّر بقوله: ﴿ فَاجْتَنِبُوهُ ﴾ ولم يقل تعبيرًا غيره؟
ج 415: التعبير بقوله تعالى: ﴿ فَاجْتَنِبُوهُ ﴾ أبلغ في النهي والتحريم من لفظ حرَّم؛ لأن معناه البُعْد بالكلية فهو مثل قوله تعالى: ﴿ وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى ﴾، فقوله: ﴿ فَاجْتَنِبُوهُ ﴾ معناه: كونوا في جانب آخر منه، وكلما كانت الحرمة شديدة جاء التعبير بلفظ الاجتناب كما قال تعالى: ﴿ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ ﴾ ومعلوم أنه ليس هناك ذنب أعظم من الإشراك بالله؛ [آيات الأحكام للصابوني 1/ 561].
بم فضَّل الله بعضهم على بعض:
س 416: قال تعالى: ﴿ الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ ﴾ [النساء: 34]، لماذا ورد النظم الكريم ﴿ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ ﴾ ولم يرد "بما فضلهم عليهن"؟
ج 416: ورد التعبير بهذه الصيغة لحكمة جليلة، وهي إفادة أنَّ المرأة من الرجل، والرجل من المرأة بمنزلة الأعضاء من جسم الإنسان، فالرجل بمنزلة الرأس، والمرأة بمنزلة البدن، ولا ينبغي أن يتكبَّر عضو على عضو؛ لأن كل واحد يؤدي وظيفته في الحياة، فالأذن لا تغني عن العين، واليد لا تغني عن القدم، فالكل يؤدي دوره بانتظام، ولا غنى لواحد عن الآخر، ثم للتعبير حكمة أخرى وهي الإشارة إلى أنَّ هذا التفضيل إنما هو للجنس، لا لجميع أفراد الرجال على جميع أفراد النساء، فكم من امرأة تفضل زوجها في العلم، والدين، والعمل، وكما يقول الشاعر:
ولو كان النساء كمن ذكرنا
لفُضِّلَتِ النساءُ على الرجال
وبهذين المعنيين اللذين ذكرناهما ظهر أن الآية في نهاية الإيجاز والإعجاز؛ [آيات الأحكام للصابوني 1/ 467].
فتحت أبوابها... وفتحت أبوابها:
س 417: قال تعالى: ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ﴾ [الزمر: 71]، وقال سبحانه: ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ﴾ [الزمر: 73]، لماذا قال في الأولى: ﴿ فُتِحَتْ ﴾ وفي الثانية: ﴿ وَفُتِحَتْ ﴾؟
ج 417: قال المفسرون: إن زيادة الواو دليل على أن الأبواب فتحت لهم قبل أن يأتوا لكرامتهم على الله تعالى، والتقدير: حتى إذا جاءوها وأبوابها مفتحة. وحذف الواو في قصة أهل النار؛ لأنهم وقفوا على النار وفتحت بعد وقوفهم إذلالًا وترويعًا لهم؛ [تفسير القرطبي].
ثيبات وأبكارًا:
س 418: قال تعالى: ﴿ عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكارًا ﴾ [التحريم: 5]، لماذا لم ترد الواو بين الصفات الست الأولى، ووردت فقط بين ثيبات وأبكارًا؟
ج 418: لأنهما صفتان متنافيتان، فالواو هنا للعطف وتفيد أيضًا التنويع وإفادة المغايرة؛ [تفسير أبي السعود].
غافر الذنب وقابل التوب:
س 419
ج 419: توسيط الواو بين الأوَّلين لإفادة الجمع بين محو الذنوب وقبول التوبة أو تغاير الوصفين؛ إذ ربما يتوهم الاتحاد أو تغاير موقع الفعلين؛ لأن الغفر هو الستر مع بقاء الذنب، وذلك لمن لم يتب فإنَّ التائب من الذنب كمن لا ذنب له؛ [تفسير أبي السعود 7/ 265].
أصحاب الأيكة، مدين:
س 420: قال تعالى: ﴿ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ ﴾ [الشعراء: 176، 177]، وقال سبحانه: ﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ﴾ [الأعراف: 85]، لماذا لم يذكر الأخوة بعد الآية الأولى، وذكرها في الثانية؟
ج 420: يقول الإمام المفسر ابن كثير: لأنه وصفهم بعبارة الأيكة، فلا يناسب ذكر الأخوة هاهنا. ولما نسبهم إلى القبيلة ساغ ذكر شعيب بأنه أخوهم. وهذا الفرق من النفائس اللطيفة العزيزة الشريفة؛ [قصص الأنبياء لابن كثير].
قاسم عاشور
قبسات من الإعجاز البياني للقرآن (2)
التناسب في المعنى:
س 405: قال تعالى: ﴿ إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى ﴾ [طه: 118، 119]، كيف قابل الجوع بالعري، والظمأ بالضحى؟
ج 405: يقول ابن القيم في فوائده: الداخل إلى بلد المعنى يرى هذا الكلام في أعلى الفصاحة والجلالة؛ لأن الجوع ألم الباطن، والعري ألم الظاهر، فهما متناسبان في المعنى، وكذلك الظمأ مع الضحى؛ لأن الظمأ موجب لحرارة الباطن، والضحى موجب لحرارة الظاهر؛ فاقتضت الآية نفي جميع الآفات ظاهرًا وباطنًا؛ [الفوائد لابن القيم].
أفلا تبصرون:
س 406: قال تعالى: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَدًا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ ﴾ [القصص: 72]، لماذا قال: ﴿ أَفَلا تُبْصِرُونَ ﴾ ولم يقل: أفلا تسمعون؟
ج 406: لأنه لما أضاف جعل النهار سرمدًا إليه صار النهار كأنه سرمد، وهو ظرف مضيء تنوّر فيه الأبصار، وأضاف الإتيان بالليل إلى غيره، وغيره ليس بفاعل على الحقيقة، فصار الليل كأنه معدوم؛ إذ نسب وجوده إلى غير موجد، والنهار كأنه موجود سواه؛ إذ جعل وجوده سرمدًا منسوبًا إليه، فاقتضت البلاغة أن يقول: ﴿ أَفَلا تُبْصِرُونَ ﴾؛ إذ الظرف مضيء صالح للإبصار، وهذا من دقيق المناسبة المعنوية؛ [البرهان للزركشي 1/ 82].
أفلا تسمعون:
س 407: قال تعالى: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ ﴾ [القصص: 71]، لماذا قال: ﴿ أَفَلا تَسْمَعُونَ ﴾ ولم يقل: ﴿ أَفَلا تُبْصِرُونَ ﴾؟
ج 407: اقتضت البلاغة أن يقول: ﴿ أَفَلا تَسْمَعُونَ ﴾ لمناسبة ما بين السماع والظرف الليلي الذي يصلح للاستماع، ولا يصلح للإبصار؛ [البرهان للزركشي 1/ 82].
عن صلاتهم ساهون:
س 408: قال تعالى: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ ﴾ [الماعون: 4، 5]، لماذا قال: ﴿ عَنْ صَلاتِهِمْ ﴾ ولم يقل: في صلاتهم؟
ج 408: قال بعض السلف: الحمد لله الذي قال: ﴿ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ ﴾ ولم يقل: في صلاتهم؛ لأنه لو قال: في صلاتهم، لكانت في المؤمنين، والمؤمن قد يسهو في صلاته، ولكنه أراد بهم المنافقين؛ لأنهم يؤخرون الصلاة عن وقتها، وهذا هو السرُّ في التعبير بـ "عَنْ"؛ [مختصر تفسير الطبري].
أعرابي سجد لفصاحة كلام الله تعالى:
س 409: جاء في الإتقان للسيوطي أنَّ أعرابيًّا لما سمع هذه الآية... وذكرها، سجد وقال: سجدت لفصاحة هذا الكلام. فما هي الآية الكريمة التي هزَّت الأعرابي، فسجد لفصاحتها؟
ج 409: قوله تعالى: ﴿ فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الحجر: 94]؛ [الإتقان للسيوطي].
تكرار [أو]:
س 410: في آيتين كريمتين من آيات القرآن الكريم تكرر حرف العطف أو إحدى عشرة مرة في كل من الآيتين الكريمتين، ولم تكن غرابة ولا تنافر ولا تكرار للمعاني، وهذا من إعجاز القرآن البياني، فما هي السورة، وما الآيتان اللتان ورد فيهما التكرار؟
ج 410: سورة النور، والآيتان هما: الآية رقم 31، والآية رقم 61؛ إذ تكرر حرف العطف أو في كل من الآيتين إحدى عشرة مرة.
لولا:
س 411: في إحدى سور القرآن الكريم تكررت كلمة لولا سبع مرات في سبع آيات، ولم تكن غرابة، ولا تنافر، ولا تكرار للمعاني، وهذا من إعجاز القرآن البياني، فما هي السورة، وما هي الآيات؟
ج 411: سورة النور، والآيات هي: 10، 12، 13، 14، 16، 20، 21.
جميع عيوب الخمر:
س 412: في آية موجزة بليغة وصف الله تعالى خمر أهل الجنة وصفًا جمع فيه جميع عيوب الخمر في الدنيا من الصداع وذهاب العقل ونفاد المال، وأنَّ أهل الجنة لا يصيبهم ذلك أبدًا، فما هي هذه الآية الكريمة؟
ج 412: قوله تعالى: ﴿ لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ ﴾ [الواقعة: 19].
حصونهم ثم بيوتهم:
س 413: قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ ﴾ [الحشر: 2]، لماذا عدل القرآن عن كلمة حصون إلى كلمة بيوت؟ وما الذي تغير في هذه الحصون حتى صارت بيوتًا؟
ج 413: إنها هي لم يتغير شيء في حجارتها ولا بنيانها، ولكن التي تغيرت هي إرادة وعزيمة وثبات الذين بداخلها، إنَّ نظرة اليهود لحصونهم هي التي تغيرت، نتيجة الرعب الذي ملأ قلوبهم، لقد سيطر الجبن عليهم وتمكَّن من قلوبهم، فما عادوا يعتمدون على حصونهم، ولا يركنون إليها، إنها الآن نتيجة للجبن والرعب ليست إلا بيوتًا عادية.
كلما:
س 414: قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ* أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ* وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللَّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 99 - 101]، والسؤال: ما سرُّ اختيار كلمة "كلما" في سياق الآيات؟
ج 414: كلمة "كلما" تدل على أنَّ نقض العهد عملية متكررة عند اليهود، فكل عهد يعقدونه يقومون بنقضه، مهما كان الطرف الآخر الذي عقدوا معه؛ لأن "كلما" حرف يفيد التكرار والاستمرار، ويدل على تحقيق وتوفر وجود جوابها عند وجود شرطها- كلما حرف شرط، وفعلها في الآية ﴿ عاهَدُوا عَهْدًا ﴾- فيتكرر وجود الجواب بتكرار وجود الفعل.
والعجيب في الآية: أنها تدلنا على خبث ومكر اليهود في نقض العهود، فعندما يعقدون عهدًا لا يقومون جميعًا بنقضه؛ وإنما ينقضه فريق منهم، والآخرون قد يتبرءون من هذا الفريق الناقض، وقد يعلنون معارضتهم لفعله، مع أنهم هم الذين رتبوا الأدوار، وأوحوا للناقض بذلك. إنه مكر يهودي حاقد واضح في تاريخ اليهود.
فاجتنبوه:
س 415: قال تعالى: ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 90]، لماذا عبَّر بقوله: ﴿ فَاجْتَنِبُوهُ ﴾ ولم يقل تعبيرًا غيره؟
ج 415: التعبير بقوله تعالى: ﴿ فَاجْتَنِبُوهُ ﴾ أبلغ في النهي والتحريم من لفظ حرَّم؛ لأن معناه البُعْد بالكلية فهو مثل قوله تعالى: ﴿ وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى ﴾، فقوله: ﴿ فَاجْتَنِبُوهُ ﴾ معناه: كونوا في جانب آخر منه، وكلما كانت الحرمة شديدة جاء التعبير بلفظ الاجتناب كما قال تعالى: ﴿ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ ﴾ ومعلوم أنه ليس هناك ذنب أعظم من الإشراك بالله؛ [آيات الأحكام للصابوني 1/ 561].
بم فضَّل الله بعضهم على بعض:
س 416: قال تعالى: ﴿ الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ ﴾ [النساء: 34]، لماذا ورد النظم الكريم ﴿ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ ﴾ ولم يرد "بما فضلهم عليهن"؟
ج 416: ورد التعبير بهذه الصيغة لحكمة جليلة، وهي إفادة أنَّ المرأة من الرجل، والرجل من المرأة بمنزلة الأعضاء من جسم الإنسان، فالرجل بمنزلة الرأس، والمرأة بمنزلة البدن، ولا ينبغي أن يتكبَّر عضو على عضو؛ لأن كل واحد يؤدي وظيفته في الحياة، فالأذن لا تغني عن العين، واليد لا تغني عن القدم، فالكل يؤدي دوره بانتظام، ولا غنى لواحد عن الآخر، ثم للتعبير حكمة أخرى وهي الإشارة إلى أنَّ هذا التفضيل إنما هو للجنس، لا لجميع أفراد الرجال على جميع أفراد النساء، فكم من امرأة تفضل زوجها في العلم، والدين، والعمل، وكما يقول الشاعر:
ولو كان النساء كمن ذكرنا
لفُضِّلَتِ النساءُ على الرجال
وبهذين المعنيين اللذين ذكرناهما ظهر أن الآية في نهاية الإيجاز والإعجاز؛ [آيات الأحكام للصابوني 1/ 467].
فتحت أبوابها... وفتحت أبوابها:
س 417: قال تعالى: ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ﴾ [الزمر: 71]، وقال سبحانه: ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ﴾ [الزمر: 73]، لماذا قال في الأولى: ﴿ فُتِحَتْ ﴾ وفي الثانية: ﴿ وَفُتِحَتْ ﴾؟
ج 417: قال المفسرون: إن زيادة الواو دليل على أن الأبواب فتحت لهم قبل أن يأتوا لكرامتهم على الله تعالى، والتقدير: حتى إذا جاءوها وأبوابها مفتحة. وحذف الواو في قصة أهل النار؛ لأنهم وقفوا على النار وفتحت بعد وقوفهم إذلالًا وترويعًا لهم؛ [تفسير القرطبي].
ثيبات وأبكارًا:
س 418: قال تعالى: ﴿ عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكارًا ﴾ [التحريم: 5]، لماذا لم ترد الواو بين الصفات الست الأولى، ووردت فقط بين ثيبات وأبكارًا؟
ج 418: لأنهما صفتان متنافيتان، فالواو هنا للعطف وتفيد أيضًا التنويع وإفادة المغايرة؛ [تفسير أبي السعود].
غافر الذنب وقابل التوب:
س 419
ج 419: توسيط الواو بين الأوَّلين لإفادة الجمع بين محو الذنوب وقبول التوبة أو تغاير الوصفين؛ إذ ربما يتوهم الاتحاد أو تغاير موقع الفعلين؛ لأن الغفر هو الستر مع بقاء الذنب، وذلك لمن لم يتب فإنَّ التائب من الذنب كمن لا ذنب له؛ [تفسير أبي السعود 7/ 265].
أصحاب الأيكة، مدين:
س 420: قال تعالى: ﴿ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ ﴾ [الشعراء: 176، 177]، وقال سبحانه: ﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ﴾ [الأعراف: 85]، لماذا لم يذكر الأخوة بعد الآية الأولى، وذكرها في الثانية؟
ج 420: يقول الإمام المفسر ابن كثير: لأنه وصفهم بعبارة الأيكة، فلا يناسب ذكر الأخوة هاهنا. ولما نسبهم إلى القبيلة ساغ ذكر شعيب بأنه أخوهم. وهذا الفرق من النفائس اللطيفة العزيزة الشريفة؛ [قصص الأنبياء لابن كثير].