سلطان الزين
12-May-2025, 02:33 PM
تفسير: (فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم)
سيد مبارك
تفسير قوله تعالى:
﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾
(سورة البقرة: الآية 59)
إعراب مفردات الآية [1]:
الفاء عاطفة (بدّل) فعل ماض (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع فاعل (ظلموا) فعل ماض وفاعله (قولاً) مفعول به منصوب (غير) نعت لـ (قولا) منصوب مثله (الذي) موصول مضاف إليه في محلّ جرّ (قيل) فعل ماض مبنيّ للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي القول اللام حرف جرّ و(هم) ضمير متّصل في محلّ جرّ متعلّق ب (قيل). الفاء عاطفة (أنزلنا) فعل ماض مبنيّ على السكون.. و(نا) فاعل (على) حرف جرّ (الذين) موصول في محلّ جرّ متعلّق ب (أنزلنا)، (ظلموا) سبق إعرابه (رجزا) مفعول به منصوب (من السماء) جارّ ومجرور متعلق بـ (أنزلنا)، الباء حرف جرّ للسببيّة (ما) حرف مصدري (كانوا) فعل ماض ناقص مبنيّ على الضمّ والواو اسم كان (يفسقون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل. اهـ.
روائع البيان والتفسير
﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ ﴾ قال أبو جعفر الطبري - رحمه الله - ما مختصره:
قوله: ﴿ فَبَدَّلَ ﴾، فغير. ويعني بقوله: ﴿ الَّذِينَ ظَلَمُوا ﴾ ، الذين فعلوا ما لم يكن لهم فعله. ويعني بقوله: ﴿ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ ﴾، بدلوا قولا غير الذي أمروا أن يقولوه، فقالوا خلافه. وذلك هو التبديل والتغيير الذي كان منهم. وكان تبديلهم - بالقول الذي أمروا أن يقولوا - قولا غيره. اهـ[2].
وقال السعدي في تفسيره للآية ما مختصره:
﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ﴾ منهم، ولم يقل فبدلوا لأنهم لم يكونوا كلهم بدلوا ﴿ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ ﴾ فقالوا بدل حطة: حبة في حنطة، استهانة بأمر الله، واستهزاء وإذا بدلوا القول مع خفته فتبديلهم للفعل من باب أولى وأحرى، ولهذا دخلوا يزحفون على أدبارهم، ولما كان هذا الطغيان أكبر سبب لوقوع عقوبة الله بهم. اهـ[3]
﴿ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ ﴾ فسرها ابن العثيمين - رحمه الله - فقال:
قوله تعالى: ﴿ فَأَنْزَلْنَا ﴾ الفاء للسببية؛ والمعنى: فبسبب ما حصل منهم من التبديل أنزلنا ﴿ عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ﴾ أي عليهم؛ ﴿ رِجْزًا ﴾ أي عذاباً؛ لقوله تعالى: ﴿ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ ﴾ [الأعراف: 134]. أي العذاب. ﴿ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ [الأعراف: 134]، والعذاب غير الرجس؛ لأن الرجس النجس القذر؛ والرجز: العذاب، ﴿ مِنَ السَّمَاءِ ﴾ أي من فوقهم، كالحجارة، والصواعق، والبَرَد، والريح، وغيرها؛ والمراد بـ﴿ السَّمَاءِ ﴾ هنا العلوّ، ولا يلزم أن يكون المراد بها السماء المحفوظة؛ لأن كل ما علا فهو سماء ما لم يوجد قرينة كما في قوله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء: 32]..اهـ[4]
﴿ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾: قال ابو جعفر الطبري - رحمه الله - معنى "الفسق"، الخروج من الشيء. اهـ[5]
وذكر ابن عثيمين في تفسيره للآية فوائد منها:
منها: إثبات فسوق هؤلاء بخروجهم عن طاعة الله؛ والفسق نوعان: فسق أكبر مخرج عن الملة، وضده "الإيمان"، كما في قوله تعالى: ﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ﴾ [السجدة: 20]؛ و فسق أصغر لا يخرج عن الملة، وضده "العدالة"، كما في قوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ﴾ [الحجرات: 6].
ثم قال:
ومنها الرد على الجبرية الذين يقولون: إن الله سبحانه وتعالى مجبر العبد على عمله؛ ووجه الرد أن الله سبحانه وتعالى أضاف الفسق إليهم؛ والفسق هو الخروج عن الطاعة؛ والوجه الثاني: أنهم لو كانوا مجبرين على أعمالهم لكان تعذيبهم ظلماً، والله تبارك وتعالى يقول: ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49]. اهـ[6]
[1] انظر الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي (المتوفى: 1376هـ) نشر: دار الرشيد مؤسسة الإيمان – دمشق (1 /137).
[2] جامع البيان في تأويل القرآن لأبي جعفر الطبري، تحقيق أحمد محمد شاكر- الناشر: مؤسسة الرسالة (2 / 122 / 1018).
[3] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي- الناشر: مؤسسة الرسالة (1 / 53).
[4] تفسير العلامة محمد العثيمين -مصدر الكتاب: موقع العلامة العثيمين (3 / 143).
[5] جامع البيان في تأويل القرآن لأبي جعفر الطبري، تحقيق أحمد محمد شاكر- الناشر: مؤسسة الرسالة (2 / 118 / 1042).
[6] تفسير العلامة محمد العثيمين -مصدر الكتاب: موقع العلامة العثيمين (3 / 145).
سيد مبارك
تفسير قوله تعالى:
﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾
(سورة البقرة: الآية 59)
إعراب مفردات الآية [1]:
الفاء عاطفة (بدّل) فعل ماض (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع فاعل (ظلموا) فعل ماض وفاعله (قولاً) مفعول به منصوب (غير) نعت لـ (قولا) منصوب مثله (الذي) موصول مضاف إليه في محلّ جرّ (قيل) فعل ماض مبنيّ للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي القول اللام حرف جرّ و(هم) ضمير متّصل في محلّ جرّ متعلّق ب (قيل). الفاء عاطفة (أنزلنا) فعل ماض مبنيّ على السكون.. و(نا) فاعل (على) حرف جرّ (الذين) موصول في محلّ جرّ متعلّق ب (أنزلنا)، (ظلموا) سبق إعرابه (رجزا) مفعول به منصوب (من السماء) جارّ ومجرور متعلق بـ (أنزلنا)، الباء حرف جرّ للسببيّة (ما) حرف مصدري (كانوا) فعل ماض ناقص مبنيّ على الضمّ والواو اسم كان (يفسقون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل. اهـ.
روائع البيان والتفسير
﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ ﴾ قال أبو جعفر الطبري - رحمه الله - ما مختصره:
قوله: ﴿ فَبَدَّلَ ﴾، فغير. ويعني بقوله: ﴿ الَّذِينَ ظَلَمُوا ﴾ ، الذين فعلوا ما لم يكن لهم فعله. ويعني بقوله: ﴿ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ ﴾، بدلوا قولا غير الذي أمروا أن يقولوه، فقالوا خلافه. وذلك هو التبديل والتغيير الذي كان منهم. وكان تبديلهم - بالقول الذي أمروا أن يقولوا - قولا غيره. اهـ[2].
وقال السعدي في تفسيره للآية ما مختصره:
﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ﴾ منهم، ولم يقل فبدلوا لأنهم لم يكونوا كلهم بدلوا ﴿ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ ﴾ فقالوا بدل حطة: حبة في حنطة، استهانة بأمر الله، واستهزاء وإذا بدلوا القول مع خفته فتبديلهم للفعل من باب أولى وأحرى، ولهذا دخلوا يزحفون على أدبارهم، ولما كان هذا الطغيان أكبر سبب لوقوع عقوبة الله بهم. اهـ[3]
﴿ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ ﴾ فسرها ابن العثيمين - رحمه الله - فقال:
قوله تعالى: ﴿ فَأَنْزَلْنَا ﴾ الفاء للسببية؛ والمعنى: فبسبب ما حصل منهم من التبديل أنزلنا ﴿ عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ﴾ أي عليهم؛ ﴿ رِجْزًا ﴾ أي عذاباً؛ لقوله تعالى: ﴿ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ ﴾ [الأعراف: 134]. أي العذاب. ﴿ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ [الأعراف: 134]، والعذاب غير الرجس؛ لأن الرجس النجس القذر؛ والرجز: العذاب، ﴿ مِنَ السَّمَاءِ ﴾ أي من فوقهم، كالحجارة، والصواعق، والبَرَد، والريح، وغيرها؛ والمراد بـ﴿ السَّمَاءِ ﴾ هنا العلوّ، ولا يلزم أن يكون المراد بها السماء المحفوظة؛ لأن كل ما علا فهو سماء ما لم يوجد قرينة كما في قوله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء: 32]..اهـ[4]
﴿ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾: قال ابو جعفر الطبري - رحمه الله - معنى "الفسق"، الخروج من الشيء. اهـ[5]
وذكر ابن عثيمين في تفسيره للآية فوائد منها:
منها: إثبات فسوق هؤلاء بخروجهم عن طاعة الله؛ والفسق نوعان: فسق أكبر مخرج عن الملة، وضده "الإيمان"، كما في قوله تعالى: ﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ﴾ [السجدة: 20]؛ و فسق أصغر لا يخرج عن الملة، وضده "العدالة"، كما في قوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ﴾ [الحجرات: 6].
ثم قال:
ومنها الرد على الجبرية الذين يقولون: إن الله سبحانه وتعالى مجبر العبد على عمله؛ ووجه الرد أن الله سبحانه وتعالى أضاف الفسق إليهم؛ والفسق هو الخروج عن الطاعة؛ والوجه الثاني: أنهم لو كانوا مجبرين على أعمالهم لكان تعذيبهم ظلماً، والله تبارك وتعالى يقول: ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49]. اهـ[6]
[1] انظر الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي (المتوفى: 1376هـ) نشر: دار الرشيد مؤسسة الإيمان – دمشق (1 /137).
[2] جامع البيان في تأويل القرآن لأبي جعفر الطبري، تحقيق أحمد محمد شاكر- الناشر: مؤسسة الرسالة (2 / 122 / 1018).
[3] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي- الناشر: مؤسسة الرسالة (1 / 53).
[4] تفسير العلامة محمد العثيمين -مصدر الكتاب: موقع العلامة العثيمين (3 / 143).
[5] جامع البيان في تأويل القرآن لأبي جعفر الطبري، تحقيق أحمد محمد شاكر- الناشر: مؤسسة الرسالة (2 / 118 / 1042).
[6] تفسير العلامة محمد العثيمين -مصدر الكتاب: موقع العلامة العثيمين (3 / 145).