سلطان الزين
22-Apr-2025, 06:11 PM
قبسات من تفسير القرآن (1)
قاسم عاشور
قبسات من تفسير القرآن (1)
(النعمة والنعيم):
س 1: ما الفرق بين (النعمة والنعيم) في الاستعمال القرآني؟
ج 1: كل (نعمة) في القرآن إنما هي لنعم الدنيا على اختلاف أنواعها، يطرد ذلك ولا يتخلف في مواضع استعمالها، مفردًا وجمعًا؛ كقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [البقرة: 211]، وقوله تعالى: ﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ ﴾ [آل عمران: 103]، وقوله تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ﴾ [إبراهيم: 6]، أما صيغة (النعيم) فتأتي في البيان القرآني بدلالة إسلامية، خاصة بنعيم الآخرة، يطرد هذا ولا يتخلف في كل آيات النعيم، وعددها ست عشرة آية؛ كقوله تعالى: ﴿ أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ ﴾ [المعارج: 38]، وقوله تعالى: ﴿ وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ ﴾ [الشعراء: 85]، وقوله تعالى: ﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾ [يونس: 9]؛ [الإعجاز البياني للقرآن/ 235].
(حلف وأقسم):
س 2: قال تعالى: ﴿ وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ ﴾ [التوبة: 56]، وقال سبحانه: ﴿ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾ [الواقعة: 76]، ما الفرق بين (الحلف والقسم) في القرآن الكريم؟
ج 2: كثيرًا ما يفسَّر أحدهما بالآخر، وقلما تفرق بينهما المعاجم.
نحتكم إلى البيان الأعلى، في النص المحكم الموثق، فيشهد الاستقراء الكامل بمنع ترادفهما.
جاءت مادة (ح ل ف) في ثلاثة عشر موضعًا، كلها بغير استثناء، في الحنث باليمين (أي: اليمين الكاذبة).
وأما القسم، فيأتي في الأيمان الصادقة سواء كانت حقيقة أو وهمًا.
وبهذا يختص الحلف بالحنث في اليمين (أي: اليمين الكاذبة) ويكون القسم لمطلق اليمين، وهذا ما اطَّرد استعماله في البيان القرآني؛ [الإعجاز البياني للقرآن/ 224].
(الخشية والخوف):
س 3: قال تعالى: ﴿ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ﴾ [التوبة: 18]، وقال سبحانه: ﴿ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ﴾ [النور: 55]، ما الفرق بين (الخشية والخوف) في الاستعمال القرآني؟
ج 3: تفترق الخشية عن الخوف، بأنها تكون عن يقين صادق بعظمة من نخشاه، وأما الخوف فيجوز أن يحدث عن تسلُّط بالقهر والإرهاب.
والخشية لا تكون إلا لله وحده، دون أي مخلوق، يطرد ذلك في كل مواضع استعمالها في الكتاب المحكم بصريح الآيات.
وتسند خشية الله في القرآن إلى الذين يبلغون رسالات ربهم، ومَن اتَّبَع الذكر، والمؤمنين، والعلماء، والذين رضي الله عنهم ورضوا عنه؛ [الإعجاز البياني للقرآن/ 226].
(الخشوع والخضوع):
س 4: قال تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1، 2]، وقال سبحانه: ﴿ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ﴾ [الأحزاب: 32]، ما الفرق بين (الخشوع والخضوع) في الاستعمال القرآني؟
ج 4: يفترق الخشوع عن الخضوع، بأننا لا نخشع إلا عن انفعال صادق بجلال من نخشع له، أما الخضوع فقد يكون تكلفًا عن نفاق وخوف، أو تقية ومداراة. والعرب تقول: خشع قلبه، ولا تقول: خضع، إلا تجوزًا.
والخشوع من أفعال القلوب، وإذا خشع الصوت أو خشع الوجه أو البصر، فإنما يكون ذلك من خشوع القلب. ويتسق البيان القرآني في استعماله للخشوع، كمثل اتساقه في استعمال الخشية: فكل خشوع في القرآن إنما هو لله تعالى؛ كقوله تعالى: ﴿ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ﴾ [الإسراء: 109]، وقوله: ﴿ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [الأنبياء: 90]، وقوله: ﴿ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة: 45]، وقوله: ﴿ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾ [آل عمران: 199]، وقوله: ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ﴾ [الحديد: 16]، وقوله: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ﴾ [الغاشية: 2]؛ [الإعجاز البياني للقرآن/ 226].
(زوج وامرأة):
س 5: قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ [الروم: 21]، وقوله تعالى: ﴿ امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا ﴾ [التحريم: 10]، ما الفرق بين (زوج وامرأة) في الاستعمال القرآني؟
ج 5: البيان القرآني يستعمل لفظ (زوج) حيثما تحدَّث عن آدم وزوجته، وقد يبدو من القريب أن يترادفا، فيقوم أحد اللفظين مقام الآخر، وذلك ما يأباه البيان القرآني المعجز، وهو الذي يعطينا سِرَّ الدلالة في الزوجية مناط العلاقة بين آدم وزوجته، فكلمة (زوج) تأتي حيث تكون الزوجية هي مناط الموقف، حكمة وآية، أو تشريفًا وحكمًا؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ [الروم: 21]، وقوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ﴾ [الفرقان: 74]، وقوله تعالى لما استجاب لزكريا وحققت الزوجية حكمتها: ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ﴾ [الأنبياء: 90]، فإذا تعطلت آية الزوجية من السكن والمودة والرحمة بخيانة أو تباين في العقيدة أو بعقم أو ترمُّل، فامرأة لا زوج؛ كقوله تعالى: ﴿ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا ﴾ [يوسف: 30]، وقوله تعالى: ﴿ امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا ﴾ [التحريم: 10]، وقوله تعالى: ﴿ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ﴾ [مريم: 5]؛ [الإعجاز البياني للقرآن/ 229].
(أشتات وشتى):
س 6: ما الفرق بين (أشتات وشتى) في الاستعمال القرآني؟
ج 6: مادتهما واحدة، والشتُّ والشتات في اللغة التفرُّق والاختلاف.
وردت (شتى) في ثلاث آيات بمعنى الاختلاف المقابل للائتلاف؛ كقوله تعالى: ﴿ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى ﴾ [طه: 53]، وقوله: ﴿ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾ [الليل: 4]، وقوله: ﴿ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ﴾ [الحشر: 14]، أما (أشتات) فقد وردت في آيتين فقط بمعنى التفرق، المقابل للتجمع؛ كقوله: ﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ﴾ [الزلزلة: 6]، وقوله: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا ﴾ [النور: 61]؛ [الإعجاز البياني للقرآن/ 233].
(الإنس والإنسان):
س 7: ما الفرق بين الإنس والإنسان في الاستعمال القرآني؟
ج 7: (الإنس والإنسان) يلتقيان في الملحظ العام لدلالة مادتهما المشتركة على نقيض التوحُّش، لكنهما لا يترادفان.
لفظ (الإنس) يأتي في القرآن دائمًا مع الجن على وجه التقابل، يطرد ذلك ولا يتخلف في كل الآيات التي جاء فيها اللفظ قسيمًا للجن، وعددها ثماني عشرة آية. والإنسية نقيض التوحُّش، وبهذه الإنسية يتميز جنس عن أجناس خفية مجهولة غير مألوفة لنا، ولا هي تخضع لنواميس حياتنا؛ قال تعالى: ﴿ يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ ﴾ [الأنعام: 130] وقال سبحانه: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56] أما الإنسان فليس مناط إنسانيته كونه مجرد إنس، وإنما الإنسانية فيه ارتقاء إلى أهلية التكليف وحمل أمانة الإنسان، وما يلابس ذلك من تعرض للابتلاء والخير. وقد جاء لفظ الإنسان في القرآن في خمسة وستين موضعًا: قال تعالى: ﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 28]، وقوله تعالى: ﴿ وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ ﴾ [هود: 9]، وقوله تعالى: ﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ﴾ [الإسراء: 13]؛ [الإعجاز البياني للقرآن/ 233].
(النأي والبعد):
س 8: قال تعالى: ﴿ وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ ﴾ [الإسراء: 83]، وقال سبحانه: ﴿ لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ ﴾ [التوبة: 42]، ما الفرق بين النأي والبعد في الاستعمال القرآني؟
ج 8: يأتي بهما أكثر المعجميين والمفسرين تأويلًا لأحدهما بالآخر، دون إشارة إلى فرق بينهما، وفرق بينهما من أنكروا الترادف، ونستقرئ مواضع الاستعمال القرآني للنأي والبعد فلا يترادفان:
النأي يأتي بمعنى الإعراض والصدِّ والإشاحة بصريح السياق في آيات القرآن: ﴿ وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ ﴾ [فصلت: 51]، وأمَّا البعد فيأتي بمختلف صيغه في القرآن على الحقيقة أو المجاز، في البعد المكاني أو الزماني، المادي منهما والمعنوي، بصريح آيات القرآن، والبعد فيها جميعًا نقيض القرب، على حين يخلص النأي للصد والإعراض، نقيض الإقبال؛ كقوله تعالى: ﴿ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا ﴾ [المعارج: 6، 7]؛ [الإعجاز البياني للقرآن/ 220].
(الرؤيا والحلم):
س 9: قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ * قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ ﴾ [يوسف:43- 44]، ما الفرق بين الأحلام والرؤيا؟
ج 9: استعمل القرآن (الأحلام) ثلاث مرات، يشهد سياقها بأنها الأضغاث المهوشة والهواجس المختلطة، وتأتي في المواضع الثلاثة بصيغة الجمع، دلالة على الخلط والتهوش لا يتميز فيه حلم من آخر: ﴿ بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ ﴾ [الأنبياء: 5]، أمَّا الرُّؤيا، فجاءت في القرآن سبع مرات، كلها في الرؤيا الصادقة، وهو لا يستعملها إلا بصيغة المفرد، دلالة على التميُّز والوضوح والصفاء، قال تعالى: ﴿ يَابُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [يوسف: 5]؛ [الإعجاز البياني للقرآن/ 215].
(إذا أضيفت كلمة [قرآن]):
س 10: إذا أضيفت كلمة (قرآن) إلى ما بعدها، لا يراد بها كلام الله نفسه (القرآن الكريم)؛ بل يراد بها قراءة وتلاوة كلام الله، وهذا الاستعمال محصور في أربعة مواضع في القرآن الكريم، فما هي؟
ج 10: قوله تعالى: ﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴾ [الإسراء: 78]، قوله تعالى: ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ﴾ [القيامة: 17، 18]، فالمعنى في الإسراء: قراءة القرآن في الفجر.
والمعنى في القيامة: قراءة وتلاوة كلام الله تعالى؛ [لطائف قرآنية/ 32].
(نفد):
س 11: وردت اشتقاقات كلمة (نفد) خمس مرات في القرآن الكريم، فماذا تعني هذه الكلمة؟ وما هي الآيات التي وردت فيها؟
ج 11: المعنى: فني وانتهى ولم يبق منه شيء؛ قال تعالى: ﴿ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ ﴾ [النحل: 96]، وقال سبحانه: ﴿ قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ﴾ [الكهف: 109]، وقال سبحانه: ﴿ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ﴾ [لقمان: 27]، وقال سبحانه: ﴿ إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ ﴾ [ص: 54]؛ [لطائف قرآنية للدكتور صلاح الخالدي].
(نفذ):
س 12: وردت كلمة (نفذ) ثلاث مرات، في آية واحدة في القرآن، فما معناها؟ وما هي الآية الكريمة؟
ج 12: المعنى: نفذ؛ أي: اخترق من جهة إلى أخرى؛ قال تعالى: ﴿ يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ﴾ [الرحمن: 33]؛ [لطائف قرآنية].
(النكر والمنكر):
س 13: قال تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ﴾ [الكهف: 74]، وقال سبحانه: ﴿ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ﴾ [المجادلة: 2]، ما الفرق في المعنى بين النكر في الآية الأولى والمنكر في الآية الثانية؟
ج 13: النكر: هو ما يجهله الإنسان فيستغربه وينكره، ويكون هذا بسبب جهله، فيكون مخطئًا في ذلك، ويكون الشيء في حقيقته صحيحًا صوابًا.
والمنكر: هو الأمر القبيح الباطل في حقيقته وأصله، فينكره الشرع ويحرمه، ويدعونا إلى إنكاره ومحاربته، وهو مرفوض باطل، وإن قبله أناس وفعلوه ورضوا به؛ [لطائف قرآنية].
(مَيِّت ومَيْت):
س 14: قال تعالى: ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ﴾ [الزمر: 30]، وقال سبحانه: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ ﴾ [المائدة: 3]، ما الفرق في المعنى بين ميِّت بالتشديد في الآية الأولى ومَيْت بالتخفيف في الآية الثانية؟
ج 14: الميِّت بالتشديد: هو الحي الذي فيه الروح.
والميْت بالتخفيف: هو الذي خرجت روحه منه؛ [لطائف قرآنية].
(مصر ومصرًا):
س 15: قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ ﴾ [يوسف: 21]، وقال سبحانه: ﴿ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ ﴾ [البقرة: 61]، ما الفرق بين مصر في الآية الأولى ومصر في الآية الثانية؟
(ج 15:) مصر في الآية الأولى ممنوعة من الصرف وهي القطر المعروف الذي يجري فيه نهر النيل، وعاصمته القاهرة.
أما (مصرًا) في الآية الثانية فهي مصروفة نكرة تعني أيّ قطر من الأقطار ولا تعني الإقليم المعروف؛ [لطائف قرآنية].
(عباد وعبيد):
س 16: قال تعالى: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا ﴾ [الفرقان: 63]، وقال سبحانه: ﴿ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [الأنفال: 51]، لماذا (عباد) في الآية الأولى و(عبيد) في الآية الثانية؟
ج 16: (العباد) في القرآن يراد بها المسلمون العابدون لله، والألف توحي بالعزة والمنعة والأنفة والرفعة.
و(العبيد) في القرآن يراد بها الكفار والعصاة، والياء توحي بالذلة الملازمة للكفار؛ [لطائف قرآنية].
(مسس ولمس):
س 17: قال تعالى: ﴿ قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ﴾ [آل عمران: 47]، وقال سبحانه: ﴿ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ﴾ [النساء: 43]، كنَّى الله تعالى بالمس في الآية الأولى واللمس في الآية الثانية عن شيئين مختلفين، فما المراد بالمس في الآية الأولى؟ وما المراد باللمس في الآية الثانية؟
ج 17: (المس) بمعنى الجِماع والمعاشرة الجنسية الزوجية.
و(اللمس) بمعنى المصافحة والتقاء البشرة بالبشرة؛[لطائف قرآنية].
قاسم عاشور
قبسات من تفسير القرآن (1)
(النعمة والنعيم):
س 1: ما الفرق بين (النعمة والنعيم) في الاستعمال القرآني؟
ج 1: كل (نعمة) في القرآن إنما هي لنعم الدنيا على اختلاف أنواعها، يطرد ذلك ولا يتخلف في مواضع استعمالها، مفردًا وجمعًا؛ كقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [البقرة: 211]، وقوله تعالى: ﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ ﴾ [آل عمران: 103]، وقوله تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ﴾ [إبراهيم: 6]، أما صيغة (النعيم) فتأتي في البيان القرآني بدلالة إسلامية، خاصة بنعيم الآخرة، يطرد هذا ولا يتخلف في كل آيات النعيم، وعددها ست عشرة آية؛ كقوله تعالى: ﴿ أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ ﴾ [المعارج: 38]، وقوله تعالى: ﴿ وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ ﴾ [الشعراء: 85]، وقوله تعالى: ﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾ [يونس: 9]؛ [الإعجاز البياني للقرآن/ 235].
(حلف وأقسم):
س 2: قال تعالى: ﴿ وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ ﴾ [التوبة: 56]، وقال سبحانه: ﴿ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾ [الواقعة: 76]، ما الفرق بين (الحلف والقسم) في القرآن الكريم؟
ج 2: كثيرًا ما يفسَّر أحدهما بالآخر، وقلما تفرق بينهما المعاجم.
نحتكم إلى البيان الأعلى، في النص المحكم الموثق، فيشهد الاستقراء الكامل بمنع ترادفهما.
جاءت مادة (ح ل ف) في ثلاثة عشر موضعًا، كلها بغير استثناء، في الحنث باليمين (أي: اليمين الكاذبة).
وأما القسم، فيأتي في الأيمان الصادقة سواء كانت حقيقة أو وهمًا.
وبهذا يختص الحلف بالحنث في اليمين (أي: اليمين الكاذبة) ويكون القسم لمطلق اليمين، وهذا ما اطَّرد استعماله في البيان القرآني؛ [الإعجاز البياني للقرآن/ 224].
(الخشية والخوف):
س 3: قال تعالى: ﴿ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ﴾ [التوبة: 18]، وقال سبحانه: ﴿ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ﴾ [النور: 55]، ما الفرق بين (الخشية والخوف) في الاستعمال القرآني؟
ج 3: تفترق الخشية عن الخوف، بأنها تكون عن يقين صادق بعظمة من نخشاه، وأما الخوف فيجوز أن يحدث عن تسلُّط بالقهر والإرهاب.
والخشية لا تكون إلا لله وحده، دون أي مخلوق، يطرد ذلك في كل مواضع استعمالها في الكتاب المحكم بصريح الآيات.
وتسند خشية الله في القرآن إلى الذين يبلغون رسالات ربهم، ومَن اتَّبَع الذكر، والمؤمنين، والعلماء، والذين رضي الله عنهم ورضوا عنه؛ [الإعجاز البياني للقرآن/ 226].
(الخشوع والخضوع):
س 4: قال تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1، 2]، وقال سبحانه: ﴿ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ﴾ [الأحزاب: 32]، ما الفرق بين (الخشوع والخضوع) في الاستعمال القرآني؟
ج 4: يفترق الخشوع عن الخضوع، بأننا لا نخشع إلا عن انفعال صادق بجلال من نخشع له، أما الخضوع فقد يكون تكلفًا عن نفاق وخوف، أو تقية ومداراة. والعرب تقول: خشع قلبه، ولا تقول: خضع، إلا تجوزًا.
والخشوع من أفعال القلوب، وإذا خشع الصوت أو خشع الوجه أو البصر، فإنما يكون ذلك من خشوع القلب. ويتسق البيان القرآني في استعماله للخشوع، كمثل اتساقه في استعمال الخشية: فكل خشوع في القرآن إنما هو لله تعالى؛ كقوله تعالى: ﴿ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ﴾ [الإسراء: 109]، وقوله: ﴿ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [الأنبياء: 90]، وقوله: ﴿ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة: 45]، وقوله: ﴿ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾ [آل عمران: 199]، وقوله: ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ﴾ [الحديد: 16]، وقوله: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ﴾ [الغاشية: 2]؛ [الإعجاز البياني للقرآن/ 226].
(زوج وامرأة):
س 5: قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ [الروم: 21]، وقوله تعالى: ﴿ امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا ﴾ [التحريم: 10]، ما الفرق بين (زوج وامرأة) في الاستعمال القرآني؟
ج 5: البيان القرآني يستعمل لفظ (زوج) حيثما تحدَّث عن آدم وزوجته، وقد يبدو من القريب أن يترادفا، فيقوم أحد اللفظين مقام الآخر، وذلك ما يأباه البيان القرآني المعجز، وهو الذي يعطينا سِرَّ الدلالة في الزوجية مناط العلاقة بين آدم وزوجته، فكلمة (زوج) تأتي حيث تكون الزوجية هي مناط الموقف، حكمة وآية، أو تشريفًا وحكمًا؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ [الروم: 21]، وقوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ﴾ [الفرقان: 74]، وقوله تعالى لما استجاب لزكريا وحققت الزوجية حكمتها: ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ﴾ [الأنبياء: 90]، فإذا تعطلت آية الزوجية من السكن والمودة والرحمة بخيانة أو تباين في العقيدة أو بعقم أو ترمُّل، فامرأة لا زوج؛ كقوله تعالى: ﴿ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا ﴾ [يوسف: 30]، وقوله تعالى: ﴿ امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا ﴾ [التحريم: 10]، وقوله تعالى: ﴿ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ﴾ [مريم: 5]؛ [الإعجاز البياني للقرآن/ 229].
(أشتات وشتى):
س 6: ما الفرق بين (أشتات وشتى) في الاستعمال القرآني؟
ج 6: مادتهما واحدة، والشتُّ والشتات في اللغة التفرُّق والاختلاف.
وردت (شتى) في ثلاث آيات بمعنى الاختلاف المقابل للائتلاف؛ كقوله تعالى: ﴿ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى ﴾ [طه: 53]، وقوله: ﴿ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾ [الليل: 4]، وقوله: ﴿ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ﴾ [الحشر: 14]، أما (أشتات) فقد وردت في آيتين فقط بمعنى التفرق، المقابل للتجمع؛ كقوله: ﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ﴾ [الزلزلة: 6]، وقوله: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا ﴾ [النور: 61]؛ [الإعجاز البياني للقرآن/ 233].
(الإنس والإنسان):
س 7: ما الفرق بين الإنس والإنسان في الاستعمال القرآني؟
ج 7: (الإنس والإنسان) يلتقيان في الملحظ العام لدلالة مادتهما المشتركة على نقيض التوحُّش، لكنهما لا يترادفان.
لفظ (الإنس) يأتي في القرآن دائمًا مع الجن على وجه التقابل، يطرد ذلك ولا يتخلف في كل الآيات التي جاء فيها اللفظ قسيمًا للجن، وعددها ثماني عشرة آية. والإنسية نقيض التوحُّش، وبهذه الإنسية يتميز جنس عن أجناس خفية مجهولة غير مألوفة لنا، ولا هي تخضع لنواميس حياتنا؛ قال تعالى: ﴿ يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ ﴾ [الأنعام: 130] وقال سبحانه: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56] أما الإنسان فليس مناط إنسانيته كونه مجرد إنس، وإنما الإنسانية فيه ارتقاء إلى أهلية التكليف وحمل أمانة الإنسان، وما يلابس ذلك من تعرض للابتلاء والخير. وقد جاء لفظ الإنسان في القرآن في خمسة وستين موضعًا: قال تعالى: ﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 28]، وقوله تعالى: ﴿ وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ ﴾ [هود: 9]، وقوله تعالى: ﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ﴾ [الإسراء: 13]؛ [الإعجاز البياني للقرآن/ 233].
(النأي والبعد):
س 8: قال تعالى: ﴿ وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ ﴾ [الإسراء: 83]، وقال سبحانه: ﴿ لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ ﴾ [التوبة: 42]، ما الفرق بين النأي والبعد في الاستعمال القرآني؟
ج 8: يأتي بهما أكثر المعجميين والمفسرين تأويلًا لأحدهما بالآخر، دون إشارة إلى فرق بينهما، وفرق بينهما من أنكروا الترادف، ونستقرئ مواضع الاستعمال القرآني للنأي والبعد فلا يترادفان:
النأي يأتي بمعنى الإعراض والصدِّ والإشاحة بصريح السياق في آيات القرآن: ﴿ وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ ﴾ [فصلت: 51]، وأمَّا البعد فيأتي بمختلف صيغه في القرآن على الحقيقة أو المجاز، في البعد المكاني أو الزماني، المادي منهما والمعنوي، بصريح آيات القرآن، والبعد فيها جميعًا نقيض القرب، على حين يخلص النأي للصد والإعراض، نقيض الإقبال؛ كقوله تعالى: ﴿ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا ﴾ [المعارج: 6، 7]؛ [الإعجاز البياني للقرآن/ 220].
(الرؤيا والحلم):
س 9: قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ * قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ ﴾ [يوسف:43- 44]، ما الفرق بين الأحلام والرؤيا؟
ج 9: استعمل القرآن (الأحلام) ثلاث مرات، يشهد سياقها بأنها الأضغاث المهوشة والهواجس المختلطة، وتأتي في المواضع الثلاثة بصيغة الجمع، دلالة على الخلط والتهوش لا يتميز فيه حلم من آخر: ﴿ بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ ﴾ [الأنبياء: 5]، أمَّا الرُّؤيا، فجاءت في القرآن سبع مرات، كلها في الرؤيا الصادقة، وهو لا يستعملها إلا بصيغة المفرد، دلالة على التميُّز والوضوح والصفاء، قال تعالى: ﴿ يَابُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [يوسف: 5]؛ [الإعجاز البياني للقرآن/ 215].
(إذا أضيفت كلمة [قرآن]):
س 10: إذا أضيفت كلمة (قرآن) إلى ما بعدها، لا يراد بها كلام الله نفسه (القرآن الكريم)؛ بل يراد بها قراءة وتلاوة كلام الله، وهذا الاستعمال محصور في أربعة مواضع في القرآن الكريم، فما هي؟
ج 10: قوله تعالى: ﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴾ [الإسراء: 78]، قوله تعالى: ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ﴾ [القيامة: 17، 18]، فالمعنى في الإسراء: قراءة القرآن في الفجر.
والمعنى في القيامة: قراءة وتلاوة كلام الله تعالى؛ [لطائف قرآنية/ 32].
(نفد):
س 11: وردت اشتقاقات كلمة (نفد) خمس مرات في القرآن الكريم، فماذا تعني هذه الكلمة؟ وما هي الآيات التي وردت فيها؟
ج 11: المعنى: فني وانتهى ولم يبق منه شيء؛ قال تعالى: ﴿ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ ﴾ [النحل: 96]، وقال سبحانه: ﴿ قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ﴾ [الكهف: 109]، وقال سبحانه: ﴿ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ﴾ [لقمان: 27]، وقال سبحانه: ﴿ إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ ﴾ [ص: 54]؛ [لطائف قرآنية للدكتور صلاح الخالدي].
(نفذ):
س 12: وردت كلمة (نفذ) ثلاث مرات، في آية واحدة في القرآن، فما معناها؟ وما هي الآية الكريمة؟
ج 12: المعنى: نفذ؛ أي: اخترق من جهة إلى أخرى؛ قال تعالى: ﴿ يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ﴾ [الرحمن: 33]؛ [لطائف قرآنية].
(النكر والمنكر):
س 13: قال تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ﴾ [الكهف: 74]، وقال سبحانه: ﴿ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ﴾ [المجادلة: 2]، ما الفرق في المعنى بين النكر في الآية الأولى والمنكر في الآية الثانية؟
ج 13: النكر: هو ما يجهله الإنسان فيستغربه وينكره، ويكون هذا بسبب جهله، فيكون مخطئًا في ذلك، ويكون الشيء في حقيقته صحيحًا صوابًا.
والمنكر: هو الأمر القبيح الباطل في حقيقته وأصله، فينكره الشرع ويحرمه، ويدعونا إلى إنكاره ومحاربته، وهو مرفوض باطل، وإن قبله أناس وفعلوه ورضوا به؛ [لطائف قرآنية].
(مَيِّت ومَيْت):
س 14: قال تعالى: ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ﴾ [الزمر: 30]، وقال سبحانه: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ ﴾ [المائدة: 3]، ما الفرق في المعنى بين ميِّت بالتشديد في الآية الأولى ومَيْت بالتخفيف في الآية الثانية؟
ج 14: الميِّت بالتشديد: هو الحي الذي فيه الروح.
والميْت بالتخفيف: هو الذي خرجت روحه منه؛ [لطائف قرآنية].
(مصر ومصرًا):
س 15: قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ ﴾ [يوسف: 21]، وقال سبحانه: ﴿ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ ﴾ [البقرة: 61]، ما الفرق بين مصر في الآية الأولى ومصر في الآية الثانية؟
(ج 15:) مصر في الآية الأولى ممنوعة من الصرف وهي القطر المعروف الذي يجري فيه نهر النيل، وعاصمته القاهرة.
أما (مصرًا) في الآية الثانية فهي مصروفة نكرة تعني أيّ قطر من الأقطار ولا تعني الإقليم المعروف؛ [لطائف قرآنية].
(عباد وعبيد):
س 16: قال تعالى: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا ﴾ [الفرقان: 63]، وقال سبحانه: ﴿ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [الأنفال: 51]، لماذا (عباد) في الآية الأولى و(عبيد) في الآية الثانية؟
ج 16: (العباد) في القرآن يراد بها المسلمون العابدون لله، والألف توحي بالعزة والمنعة والأنفة والرفعة.
و(العبيد) في القرآن يراد بها الكفار والعصاة، والياء توحي بالذلة الملازمة للكفار؛ [لطائف قرآنية].
(مسس ولمس):
س 17: قال تعالى: ﴿ قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ﴾ [آل عمران: 47]، وقال سبحانه: ﴿ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ﴾ [النساء: 43]، كنَّى الله تعالى بالمس في الآية الأولى واللمس في الآية الثانية عن شيئين مختلفين، فما المراد بالمس في الآية الأولى؟ وما المراد باللمس في الآية الثانية؟
ج 17: (المس) بمعنى الجِماع والمعاشرة الجنسية الزوجية.
و(اللمس) بمعنى المصافحة والتقاء البشرة بالبشرة؛[لطائف قرآنية].