المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التوحيد في سورة المدثر


سمو المشاعر
08-Oct-2023, 10:11 AM
نزلت بعد فترة من فترات الوحي - أي انقطاعه - وبينها وبين (اقرأ) ثلاث سنين، وهي مرحلة الدعوة السرية، ثم أُمر هنا بالجهر بالدعوة، وإنذار قومه ﴿ قُمْ فَأَنْذِرْ ﴾ [المدثر: 2].
﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ﴾ [المدثر: 1]، ولم يقل: يا محمد، وفيه ملاطفة في الخطاب، خطاب الكريم الودود إلى محمد المحمود!
والنبي صلى الله عليه وسلم منذر لقومه وللعالمين: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ﴾ [البقرة: 119]، ولَمَّا أمر بإنذار قومه جمعهم وقال لهم: (أنا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ)، وقال لهم: (قولوا: لا إله إلا الله، تُفلحوا..)، وقال لهم: (إن الرائد لا يكذب أهله، ولو كذبت الناس ما كذبتكم، ولو غررتُ بالناس ما غررتكم، والله الذي لا إله إلا هو، إني رسول الله إليكم خاصة وإلى الناس عامة، والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، وإنها لجنة أبدًا أو لنار أبدًا..).
﴿ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴾ [المدثر: 3]: فعظِّم، فهو العظيم الأعظم، ولا عظيم إلا هو، وهو الكبير الأكبر، وهو العلي الأعلى؛ قال تعالى عن نفسه: (الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، فمن نازعني فيهما أدخلته النار)؛ رواه مسلم وغيره من حديث أبي هريرة وأبي سعيد.
وهل التوحيد إلا تعظيم الله تعالى والخضوع لأمره تذللًا وخضوعًا وإنابةً وخوفًا ورجاءً، ورغبًا ورهبًا، وتقديسًا وتمجيدًا وتنزيهًا وتوقيرًا؟!
﴿ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾ [المدثر: 4]، قال ابن كثير: نقِّ ثيابك، وقيل: من الإثم، من الذنوب، وقل: عملك فأصلح، لا تلبس ثيابًا من مكسب غير طائب، وقيل: كان المشركون لا يتطهرون، فأمره أن يتطهر، وقال ابن جرير: وقد تشمل الآية جميع ذلك مع طهارة القلب، فإن العرب تطلق الثياب عليه، وقيل: وبيتك فطهِّر؛ (أي خلص)، وقو له: وخلقك فحسِّن، وقيل لا تلبسها على غدرة!
﴿ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴾ [المدثر: 5]، وقُرئت بضم الراء - أي الأوثان فاهجُرها، وبكسر الراء - أي العذاب فاهجر؛ أي: ما أوجب لك العذاب من الأعمال فاهجر؛ (الطبري).
﴿ وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ﴾ [المدثر: 6]: أي لا تمنُن بعملك على الله تستكثره، لا تستكثر عملك الصالح، ولا يكثر عملك في عينك؛ فإنه فيما أنعم الله عليك وأعطاك قليل؛ (الطبري).
﴿ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ﴾ [المدثر: 7]، فالصبر زاد الداعي؛ فهو يدعو إلى الله، ويصبر على مشاق الدعوة وأذى الناس لله عز وجل؛ كما قال له في سورة المزمل قبلها: ﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ ﴾ [المزمل: 10]، اصبر ثم اصبر ثم اصبر، حتى يأتيك الموت أو يخال بينك وبين الدعوة أو بينك وبين ما تريد، أو حتى ينفخ صاحب القرن: ﴿ فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ ﴾ [المدثر: 8 - 10]، روى الإمام أحمد بسند جيد عن ابن عباس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وحنى جبهته؛ ينتظر حتى يؤمر فينفخ، فقالوا: ما تأمرنا يا رسول الله، قال: قولوا: "حسبنا الله ونعم الوكيل").
ثم توجه الحديث عن عدو الله ورسوله الوليد بن المغيرة الذي أنعم الله تعالى عليه بنعمة المال: الممدود والبنين الشهود، وغره ماله وولده، فعاند رسول الله، وقال عن القرآن سحر وعن النبي صلى الله عليه وسلم ساحر، فتوعَّده الله عز وجل بالعذاب الأليم: ﴿ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ ﴾ [المدثر: 26].
والإنسان في هذه الحياة رهين عمله وما قدَّم: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ﴾ [المدثر: 38]؛ أي: رهينة في جهنم: ﴿ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ ﴾ [المدثر: 39]، فإنهم غير مرتهنين، ولكنهم في ﴿ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ ﴾ [المدثر: 40، 41]؛ قاله الطبري.
لكن من هم المجرمون وماذا كانت أفعالهم؟ وما الذي أوردهم النار وبئس الورد المورود؟ هم الذين يتحدثون عن أنفسهم وأفعالهم: ﴿ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ * فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ * فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ ﴾ [المدثر: 43، 49]، كلما استمعوا إلى نصيحة أو موعظة، ضاقت صدورهم، ورفضوا وعاندوا، وأصروا واستكبروا، وأعرضوا ونفروا من الحق وتبعاته كما تفر الحمير الوحشية ممن يريد صيدها من أسد أو قناص أو غيره.
د. أمين الدميري

* السلطان *
08-Oct-2023, 10:27 AM
الف

شكر

لجمال

طرحك

الراقي

غَيْم..!
08-Oct-2023, 05:38 PM
جزاك الله خير
وجعله في ميزان حسناتك ..

نبُض جآمح ❥
08-Oct-2023, 11:14 PM
-







جزاك الله خيرا
وجعله في ميزان حسناتك

نَبض
09-Oct-2023, 04:57 AM
::

بارك الله فيك

احساس عاشق
09-Oct-2023, 06:50 AM
سّلّمّتّ اّلّاّنّاّمّلّ اّلّتّيّ خّطّتّ هّذاّ اّلّجّمّاّلّ
وّنّسّجّتّ مّنّ اّلّاّحّرّفّ بّدّيّعّ اّلّلّوّحّاّتّ
دّاّمّ عّطّاّئّكّ اّلّعّذبّ
وّدّمّتّ نّجّمّ لّاّمّعّ
وّدّيّ وّتّقّدّيّرّيّ وّاّحّتّرّاّمّيّ
كّاّاّنّ هّنّاّاّاّ
اّحّسّاّسّ عّاّشّقّ

الحر
09-Oct-2023, 07:44 AM
سَلِمت الأنَامل المُتألِقة لِروعة طَرحها
دَام الحضُور والعطَاء

عشق
09-Oct-2023, 08:18 AM
جُزاكّ الله خُير علىّ مُـا قُدمتّ
ورزُقكّ بُكُل حَرف خّطتهَ أناملكّ جُزيل الحُسناتّ

الجادل
10-Oct-2023, 10:27 PM
،


تسسسسسلم ذائقتك
ويعطيك العافيه ع المجهودات
ربي يسعدك
لاعدمناك

،

شمس
12-Oct-2023, 11:32 AM
طرح في غايه آلروعه وآلجمال
سلمت آناملك على الانتقاء الاكثر من رائع
ولاحرمنا جديدك القادم والشيق
ونحن له بالإنتظار,,~

أصايــل
17-Oct-2023, 08:55 AM
جزاك الله الف خير على هذا الطرح القيم
وجعله الله فى ميزان اعملك ....

حـُـلم
20-Oct-2023, 06:29 PM
طرح قيم
جزاك الله خير الجزاء

AL-PRINCE
07-Nov-2023, 01:54 PM
جَهْدُ وَافِرُ وَعَطَاءُ وَافِي
بِطَرْحِ رآقِي جَمِيلٌ
يَفُوقُ الْوَصْفُ وَالتَّعْبِيرُ
سَلَّمَتِ الْأنَامِلُ وَبَقِّيُّ الْفِكْرِ نِبْرَاسًا
لِإِسْعَادَنَا بِكُلُّ جَمِيلٍ مِنْكُمْ
وَنَبْقَى نَنْتَظِرُ مَا تَجُودُونَ بِهِ
مِنْ جَدِيدٍ بِثِقَةِ مَنًّا أَنَّ
لَدَيْكُمِ الْكَثِيرَ لِتُقَدِّمُوهُ
لِإِشْبَاعَ ذَائِقَتِنَا
شُكْرًا وَلَا تَكْفِيكُمْ
https://up.zalghaym.com/do.php?img=38254

روح
23-Nov-2023, 09:40 PM
جزاك الله خيراً
وَ بارك الله فيك
وَ جعله في ميزان حسناتك
شكراً جزيلاً لك

الراقية ♔
05-Jan-2024, 07:44 AM
جزاك الله كل خير
وبارك الله فيك

زهرة الشمس
23-Nov-2024, 11:26 AM
جزاك الله خير الجزاء
يعطيك الف عافيه
أتمنى لك مزيد من التميز والابداع
مودتي.