المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفاتحة والابتلاء


سمو المشاعر
24-Aug-2023, 02:59 AM
الحمد لله، والصلاة والسلام على مَنْ لا نبي بعده، أما بعد:
فمن المسلمات عند المسلمين إيمانهم بسُنَّة الله جَلَّ وَعَلَا في الابتلاء، ونزول البلايا والمصائب، وأنهُ لا يُخْتَصُّ بها أحدٌ دون أحد، فقد تنزل بالبرِ والفاجر، والمسلم والكافر، ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ [العنكبوت: 1-3].
وقال صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما يزال بالمؤمنِ والمؤمنة في نفسهِ وولدهِ ومالهِ حتى يلقى الله تعالى وما عليهِ خطيئة»
وسورة الفاتحة يستلهم منها المؤمن موقفهُ وصبرهُ وجلدهُ أمام البلايا والفتن، فمقامُ التوحيد الخالص لله جَلَّ وَعَلَا، والدعاء بآدابهِ المشروعة، وتعليق الإيمان بالله جَلَّ وَعَلَا محبةً وخوفًا ورجاءً، كل ذلك مع ما تَمَّ الحديث عنه في باب القضاء والقدر هي تربيةٌ للمسلمين على مبادئ الصبر عند البلاء.
فيعلم المؤمن أن ما أصابهُ لم يكن ليخطئه، وما أخطأهُ لم يكن ليصيبهِ، وأنَّ الأُمة لو اجتمعت على أنْ يضروهُ بشيءٍ لم يضروهُ إلا بشيءٍ قد كتبهُ الله عليهِ، وأنَّ الأُمة لو اجتمعت على أنْ ينفعوهُ بشيءٍ لم ينفعوهُ إلا بشيءٍ قد كتبهُ الله عليهِ.
وعلى هذا فمظاهر الابتلاء كثيرةٌ متنوعة:
الابتلاء بالشر، فيُبتلَى المؤمن بفقدِ عزيزٍ، أو بفقدٍ جزءٍ من جسمهِ؛ كذهاب سمعهِ أو بصرهِ، أو أنْ يُصاب بمرضٍ عُضال، أو يُبتلَى بالخوفِ والجوعِ وضيق الرزق، كما قال الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- إشارةً إلى تعدُّد مظاهر الابتلاء: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 155-156].
إلا أنَّ أعظم ما يُبتَلى بهِ المؤمن من صور الابتلاء: هي المصيبة في الدين، فهي القاصمة، والمهلكة، والنهاية اَلتِي لا ربَح معها، ذلك أنَّ كل مصيبةٍ في الدنيا لا شك أنها قد تُعوَض بخيرٍ منها أو مثلها، أمَّا مصيبة الدين فحسرةٌ لا تعوض، إلا أنَّ الله جَلَّ وَعَلَا فتح لعبادهِ من أبواب رحمتهِ ما يكون تسليةً لهما من هذه المصائب:
فأولها وأعظمها: مبادرة المسلم بالصبرِ، قال الإمام أحمد رَحِمَهُ اَللَّهُ: (ذكَر الله جَلَّ وَعَلَا الصبر في القرآن في تسعين موضعًا)، فجاء الأمرُ بهِ: ﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ﴾ [النحل: 127]، ﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ ﴾ [الطور: 48]، وجاء تعليق الفلاح بالصبر، فقال -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200].
فإذا نظر العبدُ في الأجور المضاعفة للصابرين هان عليهِ البلاء، ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10]، وقال تعالى: ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 155-156].
إنَّ سورة الفاتحة فيها الملاذُ بإذن الله جَلَّ وَعَلَا من الفتن والمصائب، والصبر على الابتلاء والامتحان، ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6]، فمَنْ سلك طريق الاستقامة استقام أمرهُ في السراء والضراء، وفي الأفراحِ والاتراح، وفي السعة والضيق، وفي المصائب والمحن.
فاللهم إنَّا نسألك إيمانًا كاملًا، وقلبًا خاشعًا، ولسانًا ذاكرًا، وتوبةً نصوحة، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.
والحمد لله رب العالمين.

سلطانة الزين
24-Aug-2023, 05:16 AM
جزاك الله كل الخير

AL-PRINCE
24-Aug-2023, 05:28 AM
أحسنتم الطرح
بآرك الله في جهودكم
ودمتم بهذا التوهج
الله يعطيكم الصحة العآفية
https://up.zalghaym.com/do.php?img=28392 (https://up.zalghaym.com/)

الحر
24-Aug-2023, 10:18 AM
متصفح متميز جزاك الله خير الجزاء
لا عدمنا جديدك

الجادل
24-Aug-2023, 12:36 PM
،

نقاء وانتقاء
ولك شكر وثناء
لاعدمناك

،

حـُـلم
24-Aug-2023, 05:34 PM
طرح قيم
جزاك الله خير الجزاء

غَيْم..!
24-Aug-2023, 08:46 PM
جزاك الله خير
وجعله في ميزان حسناتك ..

نَبض
25-Aug-2023, 04:08 AM
::

بارك الله فيك

سمو المشاعر
26-Aug-2023, 12:01 AM
كل الشكر لكم على تواجدكم الجميل وردكم الرائع
اسعدني جدا مروركم ..
دمتم بالف خير .

نبُض جآمح ❥
26-Aug-2023, 08:31 AM
-






جزاك الله خيرا
وجعله في ميزان حسناتك

ليان الحربي
26-Aug-2023, 03:41 PM
بآرك الله فيك على جمآل هذا الطرح
وروعة هذه الفرآئد والفوآئد
جزآك الله خيراً
و كتبها الله في موآزين حسنآتك

اسير الذكريات
10-Sep-2023, 12:34 AM
..


جزاك الله خيرا
طرح رائع يحمل الخير بين سطوره
ويحمل الابداع في محتواه
سلمت يمينك
دمت بكل خير
http://up.3dlat.com/uploads/3dlat.com_14025248457.gif