عطر المساء
08-Feb-2023, 03:02 PM
قال تعالى:
{ فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ...}
{ أُوْلَائِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ }
وقوله: { فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ...}
ربما قال القائل: كيف تَربح التجارة وإنما يَربح الرجل التاجر؟ وذلك من كلام العرب: ربح بَيْعُك وخسر بيعُك، فحسن القول بذلك؛ لأن الربح والخسران إنما يكونان فى التجارة، فعلم معناه. ومثله من كلام العرب: هذا ليل نائم. ومثله من كتاب الله: {فَإذَا عَزَمَ اْلأَمْرُ} وإنما العزيمة للرجال، ولا يجوز الضمير إلا فى مثل هذا. فلو قال قائل: قد خسر عبدك؛ لم يجز ذلك، (إن كنت) تريد أن تجعل العبد تجارةً يُربَح فيه أو يُوضَع؛ لأنه قد يكون العبد تاجرا فيربح أو يُوضَع، فلا يعلم معناه إذا ربح هو من معناه إذا كان مَتْجُوراً فيه. فلو قال قائل: قد ربحتْ دراهمُك ودنانيرُك، وخسر بَزُّك ورقيقك؛ كان جائزا لدلالة بعضه على بعض.
{ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّآ أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ }
وقوله: { مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً...}
فإنما ضرب المثل - والله أعلم - للفعل لا لأعيان الرجال، وإنما هو مَثَل للنفاق؛ فقال: مثلهم كمثل الذى استوقد نارا؛ ولم يقل: الذين استوقدوا. وهو كما قال الله: {تَدُورُ أَعْيُنُهْم كالَّذِى يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْْتِ}. وقوله: {مَاخَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} فالمعنى - والله أعلم -: إلا كبعثِ نفس واحدة؛ ولو كان التشبيه للرجال لكان مجموعا كما قال: {كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} أراد القِيَم والأجسام، وقال: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} فكان مجموعا إذا أراد تشبيه أعيان الرجال؛ فأجر الكلام على هذا. وإن جاءك تشبيه جمع الرجال موحَّدا فى شِعْر فأَجِزْه.ِ وإن جاءك التشبيه للواحد مجموعا فى شعر فهو أيضا يراد به الفعل فأجزه؛ كقولك: ما فِعْلك إلا كفعل الحَمِير، وما أفعالكم إلا كفعل الذِّئب؛ فابنِ على هذا، ثم تُلْقِى الفعلَ فتقول: ما فعلك إلأا كالحَمِير وكالذِّئب.
وإنما قال الله عزّ وجلّ: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْْ} لأن المعنى ذهب إلى المنافقين فجمع لذلك. ولو وُحِّد لكان صوابا؛ كقوله: {إنّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ. طَعامُ الأَثِيمِ. كالْمُهْلِ تغْلِى فى الْبُطُونِ} و "يَغْلِى"؛ فمن أنّث ذهب إلى الشجرة، ومن ذَكَّر ذهب إلى المهل. ومثله قوله عز وجل: {أَمَنَةً نُعَاساً تَغْشَى طَائِفَةً منْكُمْ} للأَمَنة، "ويَغْشَى" للنعاس.
{ فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ...}
{ أُوْلَائِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ }
وقوله: { فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ...}
ربما قال القائل: كيف تَربح التجارة وإنما يَربح الرجل التاجر؟ وذلك من كلام العرب: ربح بَيْعُك وخسر بيعُك، فحسن القول بذلك؛ لأن الربح والخسران إنما يكونان فى التجارة، فعلم معناه. ومثله من كلام العرب: هذا ليل نائم. ومثله من كتاب الله: {فَإذَا عَزَمَ اْلأَمْرُ} وإنما العزيمة للرجال، ولا يجوز الضمير إلا فى مثل هذا. فلو قال قائل: قد خسر عبدك؛ لم يجز ذلك، (إن كنت) تريد أن تجعل العبد تجارةً يُربَح فيه أو يُوضَع؛ لأنه قد يكون العبد تاجرا فيربح أو يُوضَع، فلا يعلم معناه إذا ربح هو من معناه إذا كان مَتْجُوراً فيه. فلو قال قائل: قد ربحتْ دراهمُك ودنانيرُك، وخسر بَزُّك ورقيقك؛ كان جائزا لدلالة بعضه على بعض.
{ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّآ أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ }
وقوله: { مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً...}
فإنما ضرب المثل - والله أعلم - للفعل لا لأعيان الرجال، وإنما هو مَثَل للنفاق؛ فقال: مثلهم كمثل الذى استوقد نارا؛ ولم يقل: الذين استوقدوا. وهو كما قال الله: {تَدُورُ أَعْيُنُهْم كالَّذِى يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْْتِ}. وقوله: {مَاخَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} فالمعنى - والله أعلم -: إلا كبعثِ نفس واحدة؛ ولو كان التشبيه للرجال لكان مجموعا كما قال: {كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} أراد القِيَم والأجسام، وقال: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} فكان مجموعا إذا أراد تشبيه أعيان الرجال؛ فأجر الكلام على هذا. وإن جاءك تشبيه جمع الرجال موحَّدا فى شِعْر فأَجِزْه.ِ وإن جاءك التشبيه للواحد مجموعا فى شعر فهو أيضا يراد به الفعل فأجزه؛ كقولك: ما فِعْلك إلا كفعل الحَمِير، وما أفعالكم إلا كفعل الذِّئب؛ فابنِ على هذا، ثم تُلْقِى الفعلَ فتقول: ما فعلك إلأا كالحَمِير وكالذِّئب.
وإنما قال الله عزّ وجلّ: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْْ} لأن المعنى ذهب إلى المنافقين فجمع لذلك. ولو وُحِّد لكان صوابا؛ كقوله: {إنّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ. طَعامُ الأَثِيمِ. كالْمُهْلِ تغْلِى فى الْبُطُونِ} و "يَغْلِى"؛ فمن أنّث ذهب إلى الشجرة، ومن ذَكَّر ذهب إلى المهل. ومثله قوله عز وجل: {أَمَنَةً نُعَاساً تَغْشَى طَائِفَةً منْكُمْ} للأَمَنة، "ويَغْشَى" للنعاس.